حاله: مجذوب سالك، ذو أحوال خارقة، وكرامات باهرة ظاهرة، وسريرة منورة طاهرة، كثير الانتقال، سكن أولا وزان ثم فاس ثم مكناس ثم زرهون، وبه طاب له القرار مدة، ثم انتقل منه آخر عمره إلى مكناس وبه كانت منيته.
أخبرنى العلامة الثبت ابن عمنا سيدى محمد بن أحمد، أنه أخبره صهره الشريف الفقيه البركة منور الشيبة والوجه المنعم مولاى الفضيل بن الأمين العلوى المتوفى في عام أربعة وعشرين وثلاثمائة وألف، أن أول قدوم المترجم للزاوية من فاس كان صحبته، وأنه لما قدمها كان استقراره بأحد الأقواس التي كانت قديما بالبيبان المحل المعروف بالزاوية بين الحرم الإدريسى والسوق، وتلك الأقواس هى محل الحوانيت الآن بالمحل المذكور، وأنه ربما كان طبخ ما يأكله هناك، ومما طبخه في بعض الأيام مدة مقامه هناك بصارة الجلبان، وفيها فراخ الحمام، وأنه ذكر له عنه في ذلك قصة مضحكة غابت عنه الآن، وأنه أخبره هو أو غيره أنه بعد ذلك صار ينتقل تدريجا للاستقرار بأماكن الحرم الإدريسى إلى أن صار استقراره منه قرب الخصة الأولى الكائنة أمام المدرسة، وأنه كان ربما خرج بعض طلبة المدرسة في جوف الليل فيجده واضعا رأسه أسفل الخصة وأنبوبها يصب عليه، يستمر على ذلك برهة من الزمن، هذه كانت بداية حاله هناك، ثم بعد ذلك صار له الظهور التام، وكثر غاشيه ومعتقده وزائره، وبنى داره خارج الزاوية أعلى عين وليلى، تشتمل تلك الدار على مسجد وأماكن للأضياف والخدم، زيادة على أماكن سكنى الأهل والعيال، ولا زالت أطلالها شاخصة بالمحل المشار، عششت فيها الأفاعى والحشرات وباضت وفرخت، وكان ينزل منها للزاوية راكبا فرسا مسرجا وحوله وأمامه حشمه من العبيد وغيرهم حاملين للسلاح، ومعهم بعض الكلاب مقلدة الأعناق، هذه كانت صورة موكبه.
وكان يكثر من الذبائح على الضريح الإدريسى، وكان يدخل السوق على