للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الصورة ويقف على الحوانيت فيأخذ من أربابها من قماش ونحوه ما يحتاج إليه إما لنفسه وعياله، وإما لمن استعطاه وتعلق به، ثم تارة يدفع لرب الحانوت في ذلك ما يساوى أضعاف ثمنه، وتارة يعده بالدفع في وقت أخر، ثم قد يحصل ذاك وقد لا يحصل، فلهذا صار كثير من أرباب الدكاكين إذا أحسوا بموكبه أَغلقوها قبل وصوله، فكان إذا وجد الدكاكين مغلقة يقول سيأتى أهل فاس ويعمرونها ودور أهلها، فكان الأمر كما قال وليس الخبر كالعيان.

وقد اتفقت مسغبة في وقته، فلما اشتد أمرها بالناس اتفق رأى جماعة عامة الزاوية الزرهونية على جمع هدية وتقديمها للمترجم وطلب الشفاعة منه إلى الله تعالى ففعلوا فبينما هم أثناء الطريق لداره هاذا هو قد نزل إليهم وأمرهم برد الهدية إلى الضريح الإدريسي لينتفع بها ضعاف الأشراف، ثم سار معهم إلى أن حلت محلها ثم التفت إليهم، وقال أين فلان؟ لرجل مجذوب هناك فلم يجده معهم فأمرهم بالإتيان به، فذهب بعضهم وجاء به إليه، فلما قابله المجذوب صار يستغيث منه ويقول له: أنت فضحك الله وأردت فضيحتنا، والمترجم لا يقبل له شكاية، بل أمر الجماعة بالإتيان بقميص ونعل فأتوا بهما فأمرهم بإلباسهما لذلك المجذوب ففعلوا جبرا عليه، وبعد ذلك أمرهم بإطلاقه فذهب ذلك المجذوب من ليلته تلك ميتا.

قال مخبرى وبلغنى عن المترجم أنه أتى في بعض الليالى لبعض معتقديه من أهل الزاوية وطرق بابه بعنف، فلما خرج إليه أمره بإخراج أهله فورا، فبمجرد خروجهم لباب الدار سقطت الأماكن التي كانوا بها، قال: ولقد أدركته أنا في صغرى ولا زالت صورته وموكبه بين عينى، إذ غالب مروره كان أمام درب سكناى هـ.

وكان زائرو المترجم والمكثرون الترداد عليه لداره يجدون عبيدًا سودًا حمر

<<  <  ج: ص:  >  >>