ركاب التمجيد، أبنعمة الخلق، أم بنعمة الرزق؛ لقد بهرت آلاء ذى العرش المجيد، خصوصا وعموما، ومن عنايته جل جلاله بهذا النوع الذى فضله بالعقل على كثير من خلقه، وشرفه لما عرفه طرق القيام بحقه، وجعل له بمقتضى لطفه حدودًا يقتفى آثارها ورسوما، واصطفى منه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وبعث منهم رسلا لبيان تفاصيل الأحكام، وكان فضل الله عليه عظيما، وخصنا سبحانه بهذا النبى الكريم الذي تأخر بالزمان. وتقدم لديه جل وعلا بشرف الحظوة والمكان، تشريفا لنا وتكريما، وأطلع شهب هدايته المنيرة، وأحمد به نار الشرك المستطيرة، فاتسق نظم الدين به خير اتساق، واستقر الحق محوطا بأمره ونهيه من اضطراب وافتراق، حتى تكامل الدين بأقصى كمال، ومد الإسلام على البسيطة أورف ظلال، وأينعت أدواح الرشد بعد أن كانت هشيما.
نحمده تعالى حمدا نستوجب به المزيد من نعمائه، ونستجلب جزيل مواهبه وآلائه. ونستنشق من أنفاس عطاياه الجليلة نسيما، ونشكره سبحانه على أن ألهمنا شكره المستدعى المزيد من الإنعام. والمولى من الآلاء أوفى الحظوظ والأقسام. شكرا يكون بتضاعف الجود والكرم زعيما.
ونشهد أنه الله الذى لا إله إلا هو وحده لا شريك له شهادة لا يحوم حولها الالتباس، وإنما تتأرج منها رياض الصدق عاطرة الأنفاس، وتطلع وجه التحقيق لأبصار البصائر (١).
ونشهد أن سيدنا ونبينا ومولانا محمدًا عبده ورسوله النبى العربى القرشى الهاشمى الذى اختاره واصطفاه، ووفاه من حظوظ اختصاصه واعتنائه ما وفاه. وأزاح به عن الوجود علله وشفاه. وأثنى عليه في محكم كتابه الحكيم وكفاه فخرا
(١) في هامش المطبوع: "خرق بالأصل ويناسبه أن يقال وسيما".