للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيما، انتخبه من سلالة إبراهيم وإسماعيل، وأنزل بشارة مبعثه في التوراة والإنجيل، وكرم بولادته الذبيح والخليل، وجعله أزكى الخلائق عنصرا وأطهرهم خيما.

النور الذى تضاءلت الأنوار لطلوعه، وتفجرت ينابيع الخيرات والبركات من ينبوعه، واحتفل الشرف الغض بين أصوله الطاهرة وفروعه، حديثا وقديما، ختم الله به النبوة والرسالة، ومحا بنور الحق الذى جاء به ظلم الظلم والضلالة، وأوضح المذاهب عن الله تحليلا وتحريما، فكان مما جاء به - صلى الله عليه وسلم - من دين الله وجوب نصب الإمام، لإقامة الحدود والأحكام، وليحصل الاجتماع والالتئام، على كلمة الحق وشرائع الإسلام فتظافرت الدلائل الشرعية منطوقا ومفهوما، وأشار - صلى الله عليه وسلم - إلى خلافة أفضل هذه الأمة على التحقيق، وأَهله لحمل تلك الأمانة وهو الخليق بها والحقيق، صاحبه وخليفته سيدنا أبى بكر الصديق، فكان على أهل الباطل شديدا وبأهل الحق رحيما.

ونصلى ما لاحت الزواهر في أفلاكها، ونظمت الجواهر في أسلاكها، على أشرف الخلق وسيد ملوكها وأملاكها، ونسلم تسليما، ونرضى على آله وصحابته، وأوليائه وأنصاره وعصابته، المستوجبين من الله عز وجل بنصرته وإجابته، مزية قوله تعالى: {... وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)} [سورة النساء آية ٣١] مما ركضت جياد الألسن في ميادين ثنائهم، واقتدت الأمة في الأمور الدينية والدنيوية بآثار عليائهم انتفاعا وتعليما.

أما بعد: هذه الفاتحة التي فتحت من النجح كل باب، واستمسكت من الله ورسوله بوسائل وأسباب، فإن من المتقرر في القواعد السنية. أن كل ما نتعبد به فمرجعه إلى الدلائل الشرعية، وأَن العقل إذا سدد حكما من الأحكام عند تناوله قبولا وردا فحقه أن يعرض على سلطان الشرع توقيعه، ويلقى في يد ذلك المسيطر

<<  <  ج: ص:  >  >>