وكان ذهابه لزرهون كل جمعة على أتان له، وكان يتطارح على شريف تلك الأعتاب ويتضرع إلى مولاه في تنوير سريرته وصفاء باطنه وتطهيره من الرعونات النفسانية، ثم بعد مدة لازم داره، وصار لا يخرج منها إلا يوم الجمعة.
وفى آخر عمره لما كبر سنه ووهن عظمه واعتراه ما اعتراه من الجذب وذلك قبل انتقاله لدار النعيم بنحو أربعة أعوام كما صرح بذلك تلميذه الملازم له العلامة السيد محمد فتحا غريط الطبيب الشهير في رجزه الموسوم برياض أنس الفكر والقلب حيث قال:
والجنب معه نحو أربع سنين ... وبعضنا به من المستيقنين
ومع ذا بسائر الأذكار ... يصدع بالليل وبالنهار
حتى قضى بقرب فجر الاثنين ... ليلة يوم ساس وعشرين
ترك في الجمعة، وكان يتحرى صلاتها بجامع الزيتونة أحد المساجد الشهيرة بمكناس المؤسسة على عهد سيدنا الجد الأعظم السلطان مولانا إسماعيل.
ومن عادته شراء الخبز والتمر وتفريقه على الصبيان كل يوم جمعة، وربما ندب لذلك بعض الخاصة من معتقديه، حتى رتب سيدنا الجد السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام على شراء قدر من ذلك كل جمعة جراية، فصار يشترى ويفرق، واستمر الأمر على ذلك بعد وفاة المترجم في دولة السلطان المذكور وبعدها إلى آخر الدولة الحسنية أو أول العزيزية.
وكان السلطان المولى عبد الرحمن من خاصة محبى المترجم ومعتقديه، يذهب لزيارته كلما حل بالحضرة المكناسية، ويستشيره في كل مهم عنّ له، ويقف عند حد إشارته، وقد شاهد له كرامات وخوارق عادات، ولما قبضه الله تعالى