الزيتونة، ويراقب أحواله، ففى بعض الأيام قال في نفسه: إن هدا السيد الجليل العظيم القدر منذ رأيته وصحبته ما رأيت منه أمرًا يخالف الشريعة، غير أنه يرفع رأسه من السجود قبل الإمام، قال: وكان في قلبى من ذلك حزازة ثم ساقتنى المقادير إلى مطالعة كتاب الشعرانى الميزان الكبرى فوجدته ذكر فيه أن العارفين تتجلى لهم عظمة الله تعالى في السجود، فخفف عنهم ورخص لهم في الرفع لئلا تتفطر قلوبهم في ذلك التجلى، قال: فلما وقفت على ذلك حصل لى فرح وسرور حتى صرت أضرب على صدرى، وأقول: يا فرحى وياسعدى، ثم قمت في الحين وذهبت إليه، فلما جلست بين يديه قبض على أذنى وقال لى قبل أن أكلمه: ما رأيته صحيح، ولعله كرر هذه المقابلة مرتين هـ.
ثم راجعت الكتاب المذكور في المسألة فوجدت ذلك صحيحا ودونك نصه: وربما استحضر الساجد عظمة الله تعالى فانهدت أركانه، فلم يستطع كمال الرفع، وربما استحضر بعض الأصاغر عظمة الله تعالى في الركوع أو السجود فكادت روحه تزهق منه، فبادر إلى الرفع من الركوع أو السجود بسرعة من غير بطء، فمثل هذا ربما يعذر في عدم إتمامه الطمأنينة وهو في السجود أكثر عذرا كما جرب هـ.
قلت: ولا محذور في ذلك شرعا فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد أباح سبحانه لمن عجز عن القيام في الصلاة الجلوس، ولمن عجز عن الصلاة جالسا الصلاة مضطجعا، ولمن عجز عن أدائها مضطجعا أن يصليها إيماء، وللضرورة أحكام.
وأخبرنى أيضا محدثى الشيخ المذكور عن شيخه المذكور أنه كان في ابتداء طلبه يقرأ يوما مصنف الألفية في لوح، فصعب عليه حفظه فرمى به مع حائط، وقام من حينه وذهب إلى المترجم، فلما جلس بين يديه قال له: لا تعجل ها