للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتروك المشار إليه في هذا الظهير الشريف اشتمل من النقد الناض على اثنى عشر ألف مثقال وزيادة، وقد أنكر ذلك بعض الناس لما سمعه قائلًا: كيف يكون من يترك مثل هذا القدر وليا؟ فرأى في نومه كأن قائلا يقول: لو لم يأذن المترجم للشمس أن تطلع ما طلعت أو كلامًا نحو هذا، فلما أفاق استغفر وتاب.

وقد قدمنا في الكلام على المساجد ظهيرين آخرين للسلطان المذكور، في أولهما التصريح بأن المترجم إنما خلف ذلك لأسرار كما قدمنا هناك، وأن من ذلك المال أتم بناء مسجد زاوية المترجم، ومنه اشتريت الأصول المحبسة على مصالح ذلك، ولا زالت قائمة إلى الآن، ولو لم يكن من أسرار ذلك إلا هذا القدر لكفى.

وقد كان المترجم سيدا حصورًا، لم يحتلم قط، ولا عرف معنى الالتذاذ كما أخبر هو بذلك عن نفسه لا في صغره ولا في كبره، ولا يأكل دسما، جُل قوته الخبز والزيتون، وقد كان لا يمكن أحدا من تقبيل يده حتى قدم إلى مكناسة الشريف سيدى المختار البقالى وأذن له في إطلاقها للتقبييل ففعل إذ ذاك، وصار لا يمنع من تقبيلها أحدًا، كما أخبر بذلك بعض الخاصة من أصحابه.

وقد ظهرت له رضى الله عنه كرامات وأسرار، وقصده وفود الزوار من سائر الأقطار، ومن ذلك أن بعض الناس حضر بين يديه فذكر المترجم أمراً وقع في نفس الحاضر المذكور تكذيبه فيه، فاطلع المترجم من طريق كشفه على ما حدث الحاضر المذكور به نفسه، وقال: والحاضر المذكور يسمع من كذبنا يعمى هـ فعلم الحاضر المذكور أنه هو المقصود بذلك وانصرف، فبعد مدة عمى واستمر كذلك إلى أن توفى أعمى، نسأل الله العافية وهذه القصة ثابتة أرويها مفصلة بسند صحيح.

ومن ذلك ما حدثنى به شيخنا العرائشى أنه حدثه شيخه السيد فضول بن عزوز أنه كان يزور المترجم ويلازمه كثيرا ويصلى معه صلاة الجمعة بجامع

<<  <  ج: ص:  >  >>