وأدرج في سلك الطلبة الذين ينسخون الكتب، وكانت العادة أنهم يدفعون كل يوم جمعة ما نسخوه في الجمعة التي قبلها، ثم إنه ألقى السكر في أدوات النساخ جميعا ولم يشعر به أحد، فلما كان يوم الجمعة ودفعوا ما تم نسخه وفق المقرر وجد الجميع ملصقا بعضه على بعض، فأعمل البحث في السبب حتى اعترف أنه الفاعل، وأن الحامل له على ذلك هو ما رأى من عدم اعتناء النساخ بالأشغال المولوية، وعدم اهتمامهم بالشئون المنوطة بهم، وعدم تحفظهم ومبالاتهم.
وكانت هذه القضية قاضية على استخدامه بالوظائف المخزنية، كما أنه كان منتظما في سلك كتاب الحضرة المولوية بالصدارة، وكانت العادة جارية كل سنة بتوزيع المكاتيب على الجيوش للعمال في الشئون المخزنية، والقصد جلب النفع بها للمستخدمين بالمقبوض من العمال، وكان ما يقبض على تلك المكاتيب من القواد لا يتجاوز مائة مثقال، أعنى خمسة وثلاثين فرنكا وثلاثة أرباع الفرنك تقريبا، فكتب في بعض المكاتيب بعد الافتتاح.
وبعد: فيأمرك مولانا أن تحسن لحامله بما يرفأ به حاله فأدخل الكتاب للحضرة السلطانية وسلم وطبع، وخرج ليختم ويدفع لصاحبه أصلح الجملة المذكورة التي هى يرفا حاله بمائة ريال حالة، وختم الكتاب ودفع لصاحبه بعد أن قبض منه ما تجاعل معه عليه لذلك، وقد كان العامل المكتوب إليه من الحذق والنباهة بمكان، فامتثل ودفع ما عين في الكتاب السلطانى، ثم بعد مدة ورد على الحضرة المولوية ومعه الكتاب فاطلع عليه الوزير إذ ذاك وبعد البحث اعترف المترجم بأنه الفاعل وبين الكيفية، فكانت سبب تأخيره عن الخدمة المخزنية بالكلية، وذلك بعد أن كان سقط من على دار كان يسكنها بمراكش إلى أسفلها، ووقع في حفرة بالوادى المضاف وبقى بوسطها، وقد انكسر ظهره بسبب سقوطه وبقى على