وعمد الآخر إلى سقف قديم تنزل منه القطرة وجعل ماء القطرة في الزجاجة كأنه بول، واختلطا في الناس فجعل الطبيب ينظر في كل هراقة ويصف للمريض الدواء حتى وصل لصاحب الكبش فجعله في ناحية، ثم وصل لصاحب السقف فجعله في ناحية حتى فرغ من أمور الناس، فقال لصاحب الكبش: هذا غلبت عليه الشحم إن لم تذبحه عن قرب مات، وقال لصاحب السقف: اجعل لهذا حريرة وإلا سقط ثم قبضهما، وأراد أن يذهب بهما إلى الحاكم ثم عفا عنهما:
ومن ذلك أنه كان يمر على رأس الشراطين فيجد إنسانا في طراز يقول الأبيات بصوت حسن، فكان يقف لاستماع صوته، فمر يوما فسمع صوته وهو متغير، فصعد إلى الطراز وسأل عن الآنية التي يشرب منها فوجدها برادة، فكسرها فوجد داخلها وزغة، فقال هذه التي غيرت صوته.
ومن ذلك أنه كان مارا بالرصيف ومعه عبده، وإذا بوإذا بإنسان فإحدى يديه لبن وفى الأخرى حوت، فقال لعبده اتبع هذا وقيد الدار التي يدخل لها فتبعه، ولما كان من الغد أمره أن يذهب إلى تلك الدار وينظر، هل بها جنازة؟ فذهب عبده وأخبره أن بها جنازة، فذهب المترجم ودخل على الميت وفصده في محل، وقال لأهله: أخروه حتى تنظروا في أمره، ثم بعد هنيئة زال ما بالميت وعاش بعد، إلى غير هذا مما يقضى منه العجب ويشهد للعرب بالتفوق الذى لا مطمع لغيرهم في الوصول إليه، وإنما أوقعنا في الحضيض الأسفل الكسل، وإهمال اتباع سلفنا الصالح رضوان الله عنهم.
وقفت على ظهير سلطانى أصدره سيدنا الجد الأكبر أبو النصر إسماعيل، يتضمن الإنعام على صاحب الترجمة بعمالة الجزية الواجبة على أهل الذمة القاطنين بعاصمته المكناسية، وإليك لفظه بعد الحمدلة والصلاة والطابع الإمامى: