أخره ولو تعددت أجزاؤه، وربما قيد ساعة ابتدائه للكتاب بالمطالعة وساعة ختمه، وقفت على كثير من ذلك بالخزائن الإسلامية والأوربية، وكان ذا همة عالية، ونفس آبية، وتؤدة ووقار وأبهة، مع بشاشة ولين جانب وتواضع وخفض جناح وحنان وشفقة وحلم، جوادا كريما وجيها.
قال في حقه صاحب الدرر البهية! فكان رحمه الله في العلوم آية، ومن أهل الإتقان والدراية، مشاركا حافظا جاهدا مجاهدا ذا إقدام ولسان، مع كرم وإحسان، رأيته يوما في بعض المحافل وقد أملى من الأحاديث النبوية، مع ما طابقها من الآيات القرآنية، ما بهر عقول الحاضرين، وقطع ألسن المناظرين، كما أنى رأيته وقد حضر بيعة أمير المؤمنين مولانا الحسن رحمه الله، وقد تكلم بكلام يحرك الجماد، ويصدع القلوب والأكباد، مفصحا في الخطاب والجواب، حتى رد الناس إلى الصواب.
وقد كانت له مكانة لدى والده وعناية كاملة بشأنه حتى إنه كان يتتبع أطوار أحواله، ويرشده لما فيه تحسين مآله، يرشدك لذلك المكاتيب الإرشادية التي كان يوجهها له منها كتاب يخاطبه فيه بلسان وزيره الشهير السيد العربى بن المختار الجامعى ونصه.
"الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم. سيدنا الأجل الأرضى الفقيه العلامة الأحظى الأمجد الأنجد الأفضل، مولاى العباس بن مولانا أمير المؤمنين حفظك الله ورعاك، وأخصب بمنه روض مرعاك، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته عن خير مولانا نصره الله.
وبعد: فقد أمر سيدنا أعزه الله أن يكون السيد محمد الريفى يطالع معك الأنصبة التي تقرأ على السيد العباس بن كيران، فإنه طالب عارف غير مزوق،