وأضرابهما من حملة راية الاستبداد والقساوة، وقد كان زمام السلطة بيد سالم الدكالي.
قال أبو عبد الله الضعيف: ولما ضيق المترجم على ربة الدار خناثة بنت بكار، بعثت للعلماء تطلب منهم الوساطة بينها وبين صاحب الترجمة في تسريح حفيدها الأمير أبي عبد الله محمَّد بن عبد الله من السجن؛ لأنه صبيّ لم يقترف ذنبا، وإعمال الشرع المطهر معها, لأنها امرأة أبيه، وَهَنَ العظم منها واشتعل الرأس شيبا، فإن أبي فسيحكم الله بينها وبينه، ولما كلم العلماء المترجم سرح حفيدها المذكور ونهض من مكناسة لفاس الجديد، ولما وقد عليه خرج لاستقباله أهل البلدين القديم والجديد، وقدموا إليه الهدايا وذلك عام سبعة وأربعين ومائة وألف.
وفي السنة نفسها ثار بأقصى سوس أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد الكرسيفى ودخل آكدير بالسيف عنوة وأوقع بأهلها وقعة هائلة، نزل على معاطنهم في (يونت) تحت سيدي بوقناديل حتى مات الجل منهم عطشا، وكانوا يدفنون النساء والصبيان الذين هلكوا بالعطش بالمساجد والدور، وأمر الثائر بإعلان النداء في الجبال السوية وقبائلها بالحث على جهاد أهل آكدير ويقول: إن ثلثهم نصارى، وثلثهم عصاة حطب جهنم.
ثم إن أهل سوس الذين وفدوا معه أنصارًا لم يكن أحد منهم رأى البحر قبل، فأخذوا يشربون منه ويلتون السويق بمائه، فمات منهم بسبب ذلك خلق كثير، ثم نهض الثائر المذكور وسار إلى تارودانت، وصمم على الإيقاع بهوارة، فتفطنوا لذلك وأجمعوا أمرهم على الغدر به فشعر بذلك وفر منهم مظهرا أنه يريد زيارة الشيخ عمرو وهارون برأس الوادى، فاقتفت أثره هوارة إلى أن لحقوا به