كلمة من نظمه معه الزمان على أنه كان مجذوبا معلوما بالغيبة والوله، ومن هذا سبيله سقط عنه التكليف، ولا يصح الاقتداء به في حال ولئن فرضنا سلوكه وقيامه على الأمر فهو من الشريعة تحت حكمها؛ ومؤاخذ إن أخل بشيء من نظمها، إذ الشريعة حاكمة على كل واحد وليس لأحد عليها حكم، فالرجوع إليها والوقوف عند حد تعاليمها واجب؛ لأن صاحبها معصوم من الهوى، {... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ... (٧)} [الحشر: ٧] , {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].
وقد أتانا بتحريم الإلقاء بالنفس في التهلكة ونجاسة الدم المسفوح والتلطيخ به، وقضى بالاهتداء بهديه والاقتداء بالخلفاء الراشدين من بعده والعض على سنته بالنواجذ، وهؤلاء نبذوا ذلك وراءهم ظهريا، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.
فإن قلت: ما يرى عليهم من تعجيل البرء بمجرد انقضاء زمن اجتماعهم فيه أعظم كرامة لهم.
قلنا: الأمر الخارق غير محصور في الكرامة، ولا بد من التفصيل فيه، فإما أن يظهر على يد مبتدع أو على يد متبع للقوانين التي أسسها الإِسلام وأوجب الائتمار بأوامرها والانتهاء بنواهيها، فإن ظهرت على يد متبع وكان من دعوى النبوة فمعجزة، وبدونها مع الاستقامة فكرامة، إذ كل ما يقع للنبى معجزة جاز أن يكون للولي كرامة، وإن ظهر على يد مبتدع فلا يشك عاقل أنه مكر من الله واستدراج لمن علم الله شقاوته وضلالته، قال الله تعالى: {... سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٢)} [سورة الأعراف آية: ١٨٢] ولا يغتر عاقل بذلك ولو رآه يطير في الهواء، ويمشى على الماء. قال أبو يزيد البسطامى: إذا رأيت من يطير في