الدهماء، ولم نر من تصدى لإنكاره ممن يشأهد ذلك من أهل العلم والدين، ومن مكنهم الله في الأرض وجعل بيدهم الحل والعقد.
قلنا: أما ظهور مثل ذلك وانتشاره في الحواضر والبوادى فلا مفر عنه، ولا يزيد أهل الرسوخ في الدين إلا إيمانا وتسليما, لأنه مصداق لما أنبأ به نبينا الصادق المصدوق صلوات الله عليه وسلامه من ظهور البدع وافتراق الأمة فيها على فرف كغيرها من الأمم، وأحاديث ذلك مشهورة في دواوين الشريعة المطهرة، واللازم حينئذ بعد تحقيق كونها بدعا منابذة للدين الإسلامي، التحذير منها وإنكارها بقدر المستطاع. أخرج الإِمام أحمد، وعبد بن حميد، والبزار، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه وابن مردويه كلهم عن عبد الله ابن مسعود قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال: هذا سبيل الله مستقيما، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال: وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ثم قرأ هذه الآية: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ... (١٥٣)} [سورة الأنعام آية: ١٥٣] قال: البدع والشبهات.
وقال الجنيد رضي الله عنه: الطرق كلها مسدودة إلا على من اقتفى أثر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقال: علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، فمن لم يسمع الحديث ويجالس الفقهاء ويأخذ أدبه عن المتأدبين أفسد من يتبعه.
وعن عبد الرحمن بن مهدى قد سئل مالك بن أنس عن السنة قال: هي ما لا اسم له غير السنة وتلا هذه الآية: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} قال بكر بن العلاء يريد إن شاء الله حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خط له خطًّا وذكر الحديث، قال الشاطبى في الاعتصام إثره: فهذا التفسير يدل على شمول الآية لجميع طرق البدع لا تختص ببدعة دون أخرى هـ.