للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في خطبه: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمَّد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. وفي رواية للنسائي: وكل محدثة بدعة وكل بدعة في النار. وقال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدّ.

وقد بين العلماء رضي الله عنهم أن المعنى في الحديثين المذكورين راجع لتغيير الحكم باعتقاد ما ليس بقربة قربة لا مطلق الإحداث، إذ تتناوله الشريعة بأصولها فيكون راجعًا إليها أو لفروعها، فيكون مقيسا عليها، قالوا: وبحسب هذا فلا تكون البدعة إلا محرمة لا سيما إن كانت في مقابلة منصوص عن الشارع أو مخالفة لأصل الملة، أو خارجة عن قواعد الأحكام الشرعية.

وأما زعم أن ذلك وأمثاله لم ينكره أهل العلم ولا حذروا منه، فكلا ومعاذ الله أن يرضى بذلك ذو علم حقيقى أو عاقل هذبته الإنسانية فضلا عن أن يقر عليه، بل لم يأل العلماء جهدًا في بيان شرح خصال الإِسلام ويبذلون المجهود في ذلك بأساليب تقرب من الإفهام، ويوضحون في كل قول وفعل ما يوافق السنة وما يراغمها من البدعة ويتفننون في ذلك باختلاف الأحوال وما يقتضيه ما أحدث في كل زمان، وإنما الذي كاد أن يعدم إن لم نقل عدم هو الآذان الواعية، والقلوب المهتدية، وإلا فكم قرع المبتدعة أهل الدين ووبخوا وما قصروا؟ وقد نظموا في ذلك ونثروا، كما أن أمراء العدل وإن قلوا لم يزالوا يتعاهدون الضرب على أيدى أمثال هؤلاء وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ولكن من يضلل الله فما له من هاد.

قال الحافظ السخاوى في التبر المسبوك ما نصه: في يوم الاثنين سابع عشر ذى القعدة عام اثنين وخمسين وثمانمائة أمر السلطان راجح بن الرفاعى وجماعته

<<  <  ج: ص:  >  >>