رجع: ثم أَنبأت صاحب الترجمة بعزمى على هذا الكتاب، وطلبت منه أَن يعطينى من ديوانه ما أَثبت له في طبقة الكتاب، فماطلنى في ذلك، وكأنه رأى نفسه ليس أهلا لما هنالك، تواضعا لمولاه، ومن تواضع لله رفعه الله، ثم لما أن عدت في ذلك إليه، وأجلبت بخيلى ورجلى للتأكد عليه، اعتذر بتراكم الأكدار، ووعدنى بوصول القصائد إلى الدار؛ فودعته مصدقا لوعده، فما رأيت شيئا من بعده، سوى فقده، هـ لفظه.
شعره: من ذلك قوله يتشوق إلى شفشاون بلده ويحن لها حنين الوالد لولده:
شفشاون يا شفاء النفس من نصب ... ومن عنا وشفاء الروح من وصب
حياك من لم يزل حيا وأحيا رُبًى ... رُبِّيت فيها رهين اللهو والطراب
مسقط رأسى وأنسى مع جهابذة ... أَربوا على كل ذى علم وذى أدب
زدت جمالا على حمراء أندلس ... وفقت بيضاء غرب منتهى الأدب
أرض تجمع فيها كل مفترق ... في غيرها من أراضى العجم والعرب
ماء معين وأشجار منوعة ... تعجز عن وصفها الأقلام في الكتب
ما شعب بوان ما مرج دمشق وما ... نيل بمصر وما العاصى لدى حلب
في جنب شفشاون الغراء إن فخرت ... بتينها وبزيتون مع العنب
إلى أن قال:
أنت التي في سواد القلب مسكنها ... يا بلدة قربها يروى بلا قرب
تسر من جاءها ظمآن في تعب ... كما تسر عطاش ليلة الغرب