استنابه سيدنا الجد الأكبر السلطان مولانا إسماعيل عنه مع الدول الأجنبية، وولاه وظائف أخر، ويقال: إنه هو الذى عرف السلطان المذكور بالباشا على بن عبد الله الريفى الحمامى، كذا في تاريخ تطوان لأبى محمد عبد السلام بن محمد سكيرج.
وقد استكتب المترجم سيدنا الجد المذكور في ديوانه الملوكى، ونال لديه حظوة ومكانة عالية، وإذْ ذَاك كان مقامه بعاصمة الملك مكناسة، ثم لما كبر سنه وضعف عن الخدمة السلطانية، ولاه على بلده تطوان وأعمالها، وكانت بينه وبين أبى العباس أحمد بن على الريفى زعيم البلاد الهبطية ووجيهها، منافسة ومشاجرة أحدثها المعاصرة والمجاورة، واستبداد كلمة كل وعصبيته ونفوذ كلمته وعزته في قومه، ولم تزل الضغائن بينهما تزداد كل آونه، والعداوة تشتد إلى أن انتقل مخدومهما السلطان المذكور لسعة رحمة مولاه، وأسند الأمر إلى غير أهله، وعصفت رياح الفتن وضيع الحزم، وانحلت عرى السطوة الملوكية، وانمحت آثار هيبتها من قلوب الرعية، ونامت البزاة وصرخت الدياك، وأهمل أمر الجند.
انتهز إذ ذاك الفرصة أبو العباس المذكور، وكان مصمما على أريكة الملك، إذ قد كان أخبره بعض من ينظر في الأجفار بأنه سيدخل مدينة فاس بالطبول ويستولى عليها قهرا، فاغتر بذلك، وأخذ في جمع السلاح والأموال والأبطال وتقوية أصحابه، وبعث للروم على أن يصنعوا له سرير المملكة فصنعوه له ورصعوه وأتقنوا صنعه، وبالغوا في تنميقه وزخرفته، وأنفقوا عليه في ذلك أموالا طائلة، وبعثوا له به وفق طلبه لما كان بينه وبينهم من التوادد.
ثم جعل فاتحة أعماله الزحف على تطوان والفتك بأهلها، فزحف إليها في عرمرم جرار، ودخلها على حين غفلة من أهلها، فبرز إليه المترجم في أبطال أهلها، وأوقع به أشنع وقعة ورده على عقبه مكسور الراية، وترك أشلاء قومه طعمة للعقبان والذِيَاب.
ولما أتيح للمترجم على عدوه هذا الانتصار الباهر الذى لم يكن له في حسبان، طاش عقله واستفزه الشيطان، فسولت له نفسه الجلوس على أريكة