للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به يعرف من خلف سير من سلف، ولولاه لجهلت الأنساب، ونسيت الأحساب، وتقطعت الأسباب. ولم يعلم الإنسان أن أصله من تراب ومآله إلى خراب. وقد ضمنت مقالتى التاريخية التي أمليتها بنادى الخطابة بمكناس خمسة عشر وجها من فضائله فلتنظر ثَمَّة.

وأقوى دليل على فضله وشفوف شرفه بين العلوم وقوع الاستدلال به والاحتجاج في القرآن الكريم -الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه- في قوله جل من قائل: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٥)} [سورة آل عمران آية ٦٥]، وهذا كما قال العلماء من لطائف الاستدلالات وأنفسها.

وأما حكمه فإنه يكون مطلوبا في غالب الحالات، وربما كان فرض كفاية، وبالجملة فالقول الفصل ما أفصح به أبو على اليوسى -في قانونه- إذ قال: كل ما يحتاج فيه إلى شيء من أمور الشرع كتاريخ سكة معلومة، أو مكيال معلوم، أو مسجد عتيق، أو التقى فلان بفلان من الرواة، أو إمكان التقائه، أو كان فلان من المتقدمين أو من المتأخرين أو من الصحابة أو لا، وغير ذلك فهو داخل في العلوم الشرعية المهمة، وما سوى ذلك بخارج عنها غير أنه إن أفاد فائدة أخرى كالاعتبار والاستبصار والاهتزاز بوصف محمود بسماع أخبار من اتصف به من صلاح، أو عبادة، أو زهد، أو شجاعة أو حلم، أو سخاء ونحوه والانتهاء عن مذموم عند ذكر من نعي به، أو تعليم صنعة أو حيلة نافعة، أو غير ذلك من المصالح فهو محمود كسائر العلوم التي ليست من أمور الدين كالحرف والصنائع التي تجلب للإنسان -كما هو مشاهد- جزيل المنافع وذلك إن لم يعطل عما هو أهم منه وإلا فالأهم المقدم.

وأما نسبته إلى غيره من أصول العلوم الأدبية فهو جزئى لها، وهى اللغة والصرف والاشتقاق والنحو والمعانى والبيان والعروض والقافية والخط وقرض

<<  <  ج: ص:  >  >>