للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفى نفح الطيب أن علم الأدب في الأندلس كان مقصورا على ما يحفظ من التاريخ والنظم والنثر ومستظرفات (١) الحكايات، قال: وهو أنبل علم عندهم، ومن لا يكون فيه أدب من علمائهم فهو غفل مستثقل (٢).

وإنما كان التاريخ من الفنون الأدبية لأنه أكبر مرشد للتخلق بمكارم الأخلاق ومجانبة أهل الرذائل والنقائص والفرار من الأشرار، ولأنه أقوى معين ومساعد على نمو قوة ملكة الإنشاء نظما ونثرًا للاستشهاد بشواهده والاستمداد من فوائده والائتمار بأوامره والانتهاء بنواهيه وزواجره لمن أبصر رشده وأراد الله هدايته.

وأما استمداده فهو إما من الكتب المنزلة كالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان. وإما من أخبار الأنبياء أهل التحقيق والعرفان. وإما من الحوادث المشاهدة بالعيان. والآثار الضخمة العظيمة الشان. وإما مما دونته رواة الأخبار وأولاه ما نقلته عن مشاهدة وعيان. فإن ذلك يغنى هم كل برهان. ويكسب صاحبه علما يقينا لا يشككه فيه ثان. وإما من الوقائع المسموعة ممن شاهدها من المعاصرين الأعيان.

نعم لا غنى لمن يعول في النقل على هذا الأصل من اعتبار أحوال المسموع والمسموع منه، أما الأول فبأن يعتبر إمكانه في نفسه باعتبار العقل والحقيقة فإن دخل في حيز الإمكان بهذين الطريقين نظر فيه، واعتبره ثانيا باعتبار حال المسموع منه بأن يكون ثقة غير مغفل فإن لم يكن فيهما مانع فحينئذ يعول عليه ويجعله أصلا لديه، وإنما اعتبرنا الإمكان شرطا في قبول ما جاء من هذه الطريق وفى الحقيقة كل الطرق مثلها لأن غير الممكن لا نظر فيه، إذ هو ملطوم به وجه الآتى به، وأما ما صح عن المعصوم فلا يكون إلا ممكنا إذ:


(١) في المطبوع "ومستطرفات" والمثبت لدى القرى في نفح الطيب الذى ينقل عنه المصنف.
(٢) نفح الطيب ١/ ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>