لم يمتحنا بما تعيا العقول به ... حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم
وبهذا يأمن الخائض في هذا الفن من البناء على المستحيل، وإنما اعتبرنا حال المسموع منه لأنه لا التفات لنقل كذوب، ولا لمن ليس بضابط، فإنه لا بناء إلا على أساس صحيح، وإلا كان الإنسان عاقبته الخيبة، ومن هنا تعلم أن صاحب هذا الفن لا غنى له عن التبصر في علم الحقائق والرقائق والمهارة في المواد والطرائق حتى يكون ناقدًا بصيرًا، وبإماطة أذى غثه من سمينه كفيلًا خبيرًا.
ومن طرق استمداده أيضا الآثار القديمة والبناءات الضخمة العظيمة كقصر البنت الموجود أثره بالحِجر بكسر الحاء وسكون المعروف اليوم بمدائن صالح في وادى القرى على طريق المار من الشام إلى مكة المعظمة، وبقايا الرواق الأعظم، وقصر بصرى حوران، وقلعة صلخد في حوران، وبقايا قصر المشتى، وبقايا القصر الأبيض، وبقايا الأهرام وما بصعيد مصر من الآثار، وما بمصر أيضا عند أطلال مدينة طيبة القديمة.
وما بالقدس الشريف من بقايا بناء نبى الله سيدنا داود عليه الصلاة والسلام، وما كان شاخصًا من الأطلال قبل، بل وفى الحين الحالى الكائنة بمدينة وليلى (١) من جبل زرهون المعروفة في زماننا الحاضر بقصر فرعون مع ما اكتشفه علماء الفن من الآثار العجيبة الهائلة ذات البال في هذا العهد هنالك أيضا وغير ذلك مما يطول.
ومنها السكك المضروبة من ذهب وفضة وغيرهما كورق أهل الكهف، وبعث أحدهم به إلى المدينة كما نص الله تعالى في كتابه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ونقود السبَّئِيّين في اليمن , ونقود الرومانيين الموجودة في الزمن الحاضر بمتحف الآثار المكتشفة بمدينة وليلى المشار لها ووهب اللات وغيرها.