للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كنت تخاف القصاص فإني أخاف أيضًا، فهذا يدلك كله على شفقة الأولياء والأصفياء على نفوسهم لما علموا عدل الله عَزَّ وَجَلَّ في خلقه، ولك عبرة في آبائك وأجدادك فقد صاروا إلى الله عَزَّ وَجَلَّ ولا تدري ما قال لهم ولا ما قالوا له.

وروي عن عيسى عليه السلام أنه مر بجمجمة فضربها برجله وقال تكلمي بإذن الله تعالى، قال: يا روح الله، أنا ملك زمان كذا وكذا فبينما أنا جالس في ملكي على تاجي على سرير ملكي وحولي جندي وحشمي إذ بدا لي ملك الموت، فزال عني كل عضو على حاله، ثم خرجت نفسي إليه، فيا ليت ما كان من الاجتماع كان فرقة، ويا ليت ما كان ذلك إلا حسرة ووحشة.

وروي عن أبي بكر الصديق أنه قال في خطبته: أين الوضأَة وجوههم، أين الصباح الحسنة وجوههم، المعجبون بشبابهم، أصبحوا تحت الثرى.

وروي عنه أيضًا أنه قال في خطبته: أين الذين بنوا المدائن، وحصنوا الحصون والحوائط، أين الذين كانوا يعطون من الغلبة في مواطن الحرب قد تضعضع بهم الحرب فأصبحوا تحت التراب والآكام.

وروي عن حذيفة بن اليمان أنه قال لابن مسعود وبه ألم من آخر الليل: قم وانظر لي أي ساعة هذه، قال قد طلعت الجمرة يعني الزهرة، فقال حذيفة أعوذ بالله من صباح إلى النار.

وقال معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة لجاريته: ويحك انظرى هل أصبحنا؟ فنظرت فقالت: لا. ثم تركها ساعة فقال لها: انظري فقالت: نعم، فقال أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار.

وقيل لعامر بن عبد الله بن قيس عند الموت وقد بكي: ما يبكيك؟ فقال: ما أبكي فرارا من الموت ولا حرصا على الدنيا, ولكني أصبحت في صعود مهبطة ثم لا أدري أين أهبط هل إلى الجنة أو إلى النار أو يعفو الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>