الولي الصالح العارف الشهير من حفدة الشيخ أبي عبد الله محمَّد بن مبارك الزعري.
حاله": كان عالمًا عاملا، عارفا كاملا، ممتع المجالسة آية في نيل الفضائل. ومعرفة حقوق الأفاضل، فمن ذلك أنه كانت وقعت وحشة بينه وبين الشيخ الكامل، العارف الواصل، سيدي أحمد بن ناصر، فبقي مرة يترضاه، ويستنزل بمحاسن أدبه رضاه. إلى أن لبي مناديه، فدعا لتلقي تلك المنة ناديه، واستدعي الناس لحضور ذلك المهرجان الدعاء العام، وذبح كل ما ملكت يمينه من الأنعام، وأوقد لقراءة كتاب الشيخ الشموع بالنهار، وكاد أن يجري لكثرة ما ذبح من الدماء الأنهار، وأخرج من الفرش المرفوعة ما قدر عليه، وقام عاري الرأس حافي القدمين لقبض الكتاب الكريم الذي ألقي إليه.
وإذا لم يكن من الذل بد ... فالق بالذل إن لقيت الكبارا
ليس إجلالك الكبار بذل ... إنما الذل أن قبل الصغارا
ومن ذلك أنه وفد على صاحب الترجمة فتية من أولاد الشيخ أبي يعزي في خروجهم لصيد فأكرمهم وطعموا وشربوا وحين خرج ليشيعهم وجد كلابا بالباب أعدوها لصيدهم، فقال: لمن هذه؟ فقالوا: لنا، فعاتبهم حيث، لم يخبروه بها، قائلا: أليس بعار أن تكون هذه الكلاب تصطاد لكم وتنزهكم ثم تدخلون وتتركونها ولا تخبرونني بمكانها! ما هذا شأن صحبة الكرام، ثم أقسم أن لا ينصرفوا حتى يصنع للكلاب طعاما وأخذ في مداعبتهم ومحادثتهم ومؤانستهم حتى حضر طعام الكلاب، فوضعه بين يديها ووقف عليها بنفسه حتى أكلت فودعهم وانصرفوا شاكرين.