بحرب مليلية، وعزره بالسيد عبد الكريم بن سليمان، ولما وصلا لمدريد اقتبلتهما الدوائر الرسمية أحسن مقابلة وأكرمت وفادتهما واعتنت بشأنهما غاية الاعتناء رغما عن كون الشعب ينظر لهم شزرا، وأفكاره لا ترضى بمطالبهم.
ولما حل وقت الملاقاة الرسمية مع الملكة وخرج السفير من محل نزوله للركوب في العربة المعدة له بقصد ما ذكر، اعترضه رجل إسباني بلباس مدني ولطمه على جيده على حين غفلة لطمة كانت تذهب ببصره فرجع السفير من طريقه وامتنع من الملاقاة مع الملكة التي كانت في انتظاره، ووقع القبض على المتعدي وبعد البحث عنه ألفي جنرالا متقاعدًا مختل العقل اسمه (يكل فونتينس) وفي الحين حكم عليه من المحكمة ببقائه طول حياته محجرا في المارستان.
ثم قدم على السفير كثير من المستعطفين ما بين وزراء وكبراء وألح عليه في الاستعطاف غاية طبيب السلطان المقدس مولانا الحسن (روبيلو) والترجمان بسفارة إسبانيا بطنجة (منويل سيبدرا) واعتذروا له وأظهروا تحسرهم على ذلك الواقع الفظيع، ولم يزالوا معه حتى لأن وتوجه معهم للقصر الملوكي.
ولما وصله أبي أن يدخل لملاقاة الملكة حالة كون شرفه ممسوسا فخرج إليه صديق وداده رئيس الوزارة الصنيور (ساقاسطا) والجنرال (مارتينس) وأقنعوه بما يرضي دولته ويحفظ شرفه فساعدهم إذ ذاك على ذلك، وتقدم لغرفة استقبال الملكة ولما دخلها أجملت الملكة استقباله فوق العادة جبرًا لخاطره، ومن غريب ما يذكر في ملاقاته هذه أن الملكة نزلت عن كرسيها وصافحته وهي قائلة:(يا سعادة السفير أتأسف من صميم فؤادي على التعدي الذي وقع عليك وإني أشعر بألم تلك اللطمة داخل قلبي).
ولما تم الاقتبال على أحسن حال ورجع السفير لمحل نزوله تواردت عليه الوفود من المجامع وإدارات الجرائد وزاره كل الوزراء مطيبين لخاطره ورجع الذين