فعند ذلك جهز له السلطان جيشا عرمرما يرأسه صنوه مولاي الكبير ووجه له به، فنزلت المحلة بإزاء عين القدح من بلاد الهبارجة، وما استقر بهم الثوى حتى هجمت عليهم محال الزنيم الفتان صبيحة يوم الثلاثاء وكان من دعاته في سائر حروبه استقبال المحلة التي يروم قتالها يوم الاثنين وابتداءها بالقتال يوم الثلاثاء، كذا أخبرني من حضر جميع معاركه فانهزمت جيوشه أمام الجنود المخزنية هزيمة شنيعة، وأسر منه خمسة أنفار وقطعت سبعة رءوس ووجه بالكل للحضرة السلطانية بفاس.
ولما اتصل الخبر بذلك لفاس فرح الناس واستبشروا، وظنوا أن الأمر قد تم، فأصدرت الأوامر لمولاي عبد السلام الأمراني الذي كان نازلا بجيش كثيف ببني مسارة بالإتيان بما معه من الجيوش والتخييم بها مع مولاي الكبير المذكور باوطى بوعبان ونهض السلطان لمراكش.
ثم في يوم السبت من رمضان ساقت المحلة لهم مقتفية إثر الفتان بجبل غياثة من ناحية قصبة بني مطير فانهزمت المحال المخزنية هزيمة لم تعهد قبل، ولما علم السلطان بذلك رجع من وجهته ودخل فاسا وعقد لسيدي محمد الأمراني على جيش جرار من العساكر الأبطال، وأمره باللحوق بالمحلة التي هزمت، ثم عقد لعامله عيسى بن عمر العبدي على جيش من المحال الحوزية له بال وألحقه بهم أيضًا، ولما لحقت المحلتان الأخيرتان بالمحلة الأولى اتفق رأْيهم على النهوض من أوطى بوعبان والتخييم على قبيلة التسول، حيث لم يتمحض للمحال المخزنية منهم صداقة ولا عداوة قالوا: إذا نزلنا عليهم نقدمهم أمامنا لقتال الفتان، وبذلك يظهر ما تكن صدورهم فإن قاتلوه ضممناهم إلينا، وإلا ابتدأناهم بالقتال، فنهضوا ونزلوا بمحل يسمي قعدة الأرانيب على رأس وادي اللبن، وكان ذالك يوم الأربعاء، ثم وجهوا للتسول يأتون إليهم مرارا فلم تقع منهم إجابة، فعند ذلك