المدينتين المعتبرتين في مكناس بنى زياد، فمن الجائز أن تكون هى المرادة لياقوت بالمدينة القديمة، ويقوى ذلك ما يأتى عن نزهة المشتاق من أن مكناسة مدينة بنى زياد وأنها مدينة عامرة لها أسواق وحمامات وديار حسنة والمياه تخترق أرقتها، وأنها لم يكن في أيام الملثم أعمر قطر منها إلخ.
ولا يمكن أن يكون عنى بالقديمة وليلى لأن مدينة وليلى لا تعرف باسم مكناس، وإن كانت مجاورة له، ولأنها كانت بطلت عمارتها وخربت إلا النادر منها قبل ولادة ياقوت بما يزيد على مائتين من السنين، ولأن مكناسة القديمة بربرية كما تقدم وليلى رومانية كما يأتى ولغير ذلك مما سيفصل بعد.
ولا تنافى بين الصغر الموصوفة به مدينة مكناس في نقل ياقوت وبين العظم الموصوفة به في نقل شارح القاموس لأن شارح القاموس تأخر زمنه عن رمن ياقوت بالكثير فكل منهما وصفها بما كانت عليه في زمنه.
وزمن شارح القاموس متأخر عن زمن المولى إسماعيل مصير مكناسة على ما هى عليه من العظم حتى الآن فلذلك وصفها به، وأما المدينة الثانية في كلام ياقوت فهى الموجودة الآن.
وقول المعجم على ثنية بيضاء قال الراغب: الثنية من الجبل ما يحتاج في قطعة وسلوكه إلى صعود وحدور فكأنه يثنى السير.
هذا هو الواقع هنا فإن الآتى لمكناسة من ناحية زرهون يكون من عبوره وادى بُورُوح -بضم الباء وسكون الواو وضم الراء بعدها واو ساكنة ثم حاء مهملة - في صعود إلى أن يدخلها، وكذلك الآتى إليها من ناحية فاس من عبوره وادى وَيْسَلَنَ بفتح الواو وسكون الياء وفتح السين المهملة بعدها وفتح اللام -كذا رأيته- مضبوطا بخط صاحب الروض الهتون- يكون أيضا في صعود إلى أن يدخلها من سائر أبوابها والخارج منها ينحدر.