الذي جاء لتلك النواحي من فجيج يقصد ترويض النفس والسياحة ونزل على أبي عمامة.
فلما ظهر هذا الثائر اشتاقت نفسه أن يطلع على كهنه على عادة رجال الحرب فتقوي بهم ونزل ماوية ولما قرب من قصبة مسون من أرض هوارة لقيتة مقدمة جيش تازا التي كان يرأسها القائد المدني ابن محمَّد الأجلاوي، وكان قد أنزل بالقصبة المزكورة حامية من الجيش تحت رياسة القائد عبد الملك المتوكي فوقع بين الفريقين معارك أصيب فيها الزنيم برصاصة أعجزته عن القيام والقعود ففر به أنصاره جريحا لقبيلة البرانيس، وعسكروا بوادي الأربعاء من بني فراسن من التسول في أوعار وحصن حصين، ودام القتال بين أشياعه والمحلة المخزنية بتازا وانقطع خط الرجعة بين من بتازا وأوطي بو عبان إلى أن دخلت سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وألف واندمل جرح المارق الفتان ودخل تازا من غير مقاوم ولا معارض.
ثم إنه لما كان خرج الفتان من وجدة عمرها الجيش السلطاني الذي كان بمغنية مع فرقة عسكرية وجهت مددا من فاس على طريق طنجة ومنها نزلت بالغزوات ثم سعيدة عجرد ثم وجدة من غير قتال أيضًا وذلك في ربيع الثاني عام ١٣٢ واحد وعشرين.
ولما ضاق المتسع بمن بتازا من الجنود المخزنية وذاقوا بسبب ذلك من العذاب ألوانا وكابدوا من الأهوال والخصاصة، وعدم القوت ما تحدثت به الركبان، وتيقنوا أن الفئة الباغية أجمعوا أمرهم وصمموا على الأخذ بثأرهم منهم فيما فعلوه بتازا من الأعمال الوحشية، طيروا الإعلام للسلطان بما وقعوا فيه وطلبوا منه أن يمدهم بمدد يخلصهم من الورطة التي ورطوا أنفسهم فيها، فرأى أنه لا بد له من التوجه لانقاذهم بنفسه فحشد الجنود من الأغوار والنجود، وأفاض فيها العدة والمال، وعزر تلك الجنود بعساكره الوافرة وسار إلى أن خيم ببلاد الحياينة وهناك انضم إليه الجيش السابق الذي كان بأوطى بوعبان.