العزيز للديار المراكشية ومقامه بالعاصمة الفاسية وذلك عام تسعة عشر وثلاثمائة وألف ١٣١٩.
وتعدد رفع الشكايات للحضرة السلطانية بما لحق الناس من الأضرار وتورطوا فيه من الأخطار، بسبب سلب الأمن وتكاثف العيث في الطرقات، وقتل القوى للضعيف، فألقيت شكايتهم في روايا الإهمال وكتمها أولو الأمر من الديوان المخزنى عن السلطان واشتغلوا بلذاتهم وشهواتهم ولم يرفعوا لما يرفع إليهم ويقرر لديهم رأسا, ولا قرأوا لعاقبته الوخيمة حسبانا فكانت النتيجة فراغ الأفئدة من خوف سطوة السلطان وشديد بأسه ومهابة صولته وبطشه وتلاشى نفوذ ولاة أمره من قواد وعمال وخصوصا بمراكش، وبقى الناس كالفوضى لا سراة لهم.
فاتفق أن ركب الطبيب المذكور علم دولته بباب محله بعرصة موسى، وذلك يوم السبت رابع صفر عام خمسة وعشرين وثلاثمائة وألف على ما حقق لي بعض الأعلام من عدول مراكش، والذي قرأته في بعض التقاييد أن ذلك يوم الثلاثاء خامس صفر المذكور في الساعة الواحدة بعد الزوال، وفي العين تسارع إليه همج الرعاع وقتلوه بالضرب والحجارة والعصى وتركوا جثته ملقاة على الأرض بباب داره، وانتشروا في أزقة المدينة يسرقون ويخطفون، واغتنم اللصوص النهابون تلك الفرصة لما علموا من أن من فرص اللص ضجة السوق والمجانين من الأوباش، وكثيرا ما هم يضحكون ويمرحون، ومن علم أن الفتنة أشد من القتل وتيقن المثال وذلك أول شرر لا ينطفئ وقع في المغرب بكى واستبكى وتكلم وتألم.
ثم لما اتصل بالعامل هذا الخبر المحزن والحادث الجلل وهو إذ ذاك الحاج عبد السلام الورزازى قام من حينه يبكى بكاء الثكلى، ووجه قوة كافية من أعوانه لتسكين روعة البلد، وذهب هو بنفسه في لفيف من أعوانه لمحل القتيل، ووقف