للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلد عند فراغه من الجيوش وبالأخص في زمن الربيع، وتقام به نزهة سلطان الطلبة، ثم بعد الواقعة أحدث فيه شارع عمومى.

واتخذ بجانب منه مستشفى عسكرى لا زال قائم العين إلى الآن.

ولقد كان لهذه الحادثة الحالكة دوى ورنة في العالم تناقلتها السنة الجرائد الرائجة في ذلك العصر عربية وعجمية وذهب الكتاب في أسبابها كل مذهب كل على حسب أغراضه الشخصية ومغامزه السياسية والحقيقة وراء جل ما حبروا وخبروا.

ومدينة الدار البيضاء هذه هى المعروفة في كتب التاريخ قديما باسم آنفا، وهى واسطة بلاد تامسنا وإحدى عواصم برغواطة، قد كان بعد تقلص ظلمهم أنزل بها يعقوب المنصور الموحدى عرب جشم بن معاوية وسليم وبنى هلال بن عامر، وقد هلك أكثر هؤلاء بالأندلس في واقعة الناصر الموحدى في قضيه العقاب، فقل عددهم ووقع الفراغ المحسوس في وطنهم، فلما كانت دولة بنى مرين عمد يعقوب ابن عبد الخالق لنقل طوائف من أهل المغرب الأوسط لما غلب على بنى زيان واستولى على جنوب بلادهم إلى جنوب الزاب، فكان ممن نقلهم لضواحى آنفا قبيلة المذاكرة من عرب سويد الهلاليين إخوة رباح، ومن المذاكرة قبيلة صبيح كان منهم في دولة بنى مرين الوزراء وأرباب الدولة، ونقل معهم أوزاعا من توجين ومزاب من زناتة ومغراوة من رنانة أيضا، وأشغلهم بالقيام على إبل الدولة وشائها، فأطلق عليهم اسم الشاوية وذلك سنة ست وسبعين وستمائة وجعلوا مقر رياستهم مدينة آنفا، فلم يلبسوا أن خالفوا على الدولة وقطعوا السابلة وأساءوا الجوار مع غيرهم، فزحف إليهم أبو ثابت بن يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المرينى سنة سبع وسبعمائة فأرغمهم على الطاعة وقبض على ستين رجلا من شيوخهم وأودعهم سجن قصبة آنفا، وقطع رءوس عشرين من عتاتهم قاطمى السبيل وصلبهم على أسوار آنفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>