والواضعون أشكالهم عقبه خصوصا وهم عارفون قدره وأكمله وفى فاتح ذى الحجة الحرام عام خمسة وعشرون وثلاثمائة وألف.
ولما خرج المولى عبد العزيز المخلوع إلى إرجاع مراكش لطاعته انكسر ورجع إلى الدار البيضاء، فبايعت طنجة أخاه المذكور يوم الأحد ٢٤ رجب ١٣٢٦ ثم العرائش والعدوتان سلا، وَالرباط -وكانت بيعتهما في يوم الثلاثاء ٢٦ رجب المذكور- ثم الجديدة وآزمور يوم ٢٨ منه ثم الصويرة يوم الأربعاء ١٢ شعبان عامه وهكذا.
وكانت هذه البيعات مبعث ارتياح واستبشار من الناس بسلطانهم الجديد العالم فطفقوا يتفاءلون باسمه ويرجون أن يكون له من اسمه نسبة فتحفظ البلاد من أرزاء التفكك والانحلال، ويعود لها ما انتقص من أطرافها، وقال الشعراء في ذلك مظهرين شعور الأمة فكان من جملة ما قيل قول الأديب الكبير السيد أحمد ابن قاسم جسوس:
بشرى الخلائق لا تزال تزيد ... هذا زمان كل أنه عيد
ذهب العناء جميعه وتتابعت ... زمر الهناء بسيطها ومديد
والبشر باد والسرور موفر ... والأنس يبدى ما يشا ويعيد
وهى قصيدة من غرر منشآته.
وقد حققت الأيام بعض ما كانوا يرجون على يديه، فقبض على أبى حمارة كما تقدم تفصيل ذلك قريبا، ولجسوس المذكور قطعة في ذلك يقول منها:
لله من نبأ كدت أفراحه ... تترى لدينا بالنعيم الطيب
نبأ الشقى المارق الفدم الذى ... كم شب من نار بقطر المغرب