حاضرها والباد. كان لا يتقيد بمذهب شأن السلف الصالح ذوى السعى الرابح. عاصر مالكا وغيره من صدور الأمة. المهتدى بهديهم في كل مدلهمة.
فر بنفسه في وقعة فَخّ التي كانت في أيام موسى الهادى بن محمد المهدى العباسى على ما قاله غير واحد من أعلام هذا الشأن، وصححه الحلبى في دره. وفَخّ بفتح الفاء وتشديد الخاء-وقد وهم من أبدل الخاء جيما، وكانت هذه الوقعة الشنعاء يوم السبت وصادفت يوم التروية سنة تسع وستين ومائة، وكان هذا الإمام العظيم المقدار ممن حضرها هو وشقيقاه سليمان ويحيى في جملة أبناء عمه وغيرهم.
ولما قتل فيها من قتل منهم ومن جملتهم شقيقه سليمان كما في "تاريخ ابن جرير" و"مروج الذهب" للمسعودى و"الدر السنى" للقادرى وفر من فر، كان صاحب الترجمة ممن فر ناجيا بنفسه وفى معيته مولاه راشد فتوجها من مكة شرفها الله إلى مصر ثم إلى إفريقية فأقاما بالقيروان مدة ثم سارا إلى تلمسان واستراحا بها أياما، ثم ارتحلا عنها قاصدين طنجة فعبرا في طريقهما وادى ملوية، ودخلا بلاد السوس الأدنى والسوس الأقصى وتجولا في جبل درن إلى أن وصلا مدينة طنجة، ثم رحلا عنها إلى مدينة وَلِيلى، ونزلا على أميرها الأوْرَبِى إسحاق بن محمد بن عبد المجيد، وذلك غرة ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين ومائة باتفاق. قال علامة الآفاق ابن غازى في رجزه الذى ذكره في "تكميله":
وعقدت راياته في القصب ... وجاءنا إدريس عام [قعب]
إلى وليلى المغرب القصى ... إذ قام صنوه على المهدى
وبعد ما سم سما النجل الأبى ... واختلط فاسنا لعام [قضب]
وما وقع في "الدرر البهية" من أن ذلك كان سنة سبعين وهم.