وقد كان الأوْربى على مذهب الاعتزال، فرغب عنه رغبة في التمذهب بمذهب هذا الإمام العظيم الشأن الذى هو مذهب أهل السنة والجماعة، فتمذهب به، قال الحلبى: صرح بذلك جمع من المؤرخين.
ثم جمع إخوانه وقبائل البربر فعرفهم بحسب ونسب هذا البضعة النبوية الطرية وما حوته من الأوصاف الحميدة وقرابتها من رسول الله، وأشار عليهم ببيعته فأجابوا بالسمع والطاعة، وكان ممن أسرع لبيعته غمارة وزواغة ولواتة وصدراتة ومكناسة ونفزة وغياثة وفى مقدمتهم قبائل أوْرَبَة أهل القوة والشوكة لذلك العهد، وكافة البرابر المخالفين لبرغواطة، فبايعوه على السمع والطاعة ولم يتخلف أحد منهم عن بيعته.
وقد اتفقوا على أن بيعته كانت سنة قدومه وهى سنة اثنتين وسبعين ومائة، واختلفوا في شهر ويوم بيعته منها.
فقيل فاتح ربيع الأول، وعليه جرى ابن أبى زرع في "الأنيس" وابن القاضى في "الجذوة" كلاهما في ترجمة الحسن ابن قاسم آخر ملوك الأدراسة.
وقيل عند دخول رمضان وعليه اقتصر البكرى، والجزنائى، والحلبى.
وقيل رابع عشر منه، وعليه جرى أولا ابن أبى زرع، وابن القاضى.
ثم بعد مبايعة الناس له قام خطيبا فقال: أيها الناس، لا تمدوا الأعناق إلى غيرنا، فإن الذى تجدون من الحق عندنا لا تجدونه عند غيرنا (١).
ثم بعد ذلك أتته قبائل زناتة وأصناف قبائل البربر وبايعوه على المنشط والمكره، فتمكن سلطانه وقوى أمره، ووفدت عليه الوفود من سائر الجهات وقصد إليه الناس من كل صوب وصقع.
ثم حشد الجيوش وخرج غازيا إلى بلاد تامسنا، ففتح أولا مدينة شالة ثم بعد سائر بلاد تامسنا، ثم سار إلى بلاد تادلا، وقد كان أكثر أهلها على دين