ثم ولى ابن هبيرة في أيام يزيد بن عبد الملك فضربها أجود مما كانت، وشدد في تجويدها، ثم ضربها بعده يوسف بن عمر فأفرط في تجويدها فكانت الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود دراهم بنى أمية، وكان المنصور لا يأخذ في الخراج غيرها.
وقيل: إن أول من ضربها مصعب بن الزبير عن أمر عبد الله بن الزبير سنة سبعين على ضرب الأكاسرة، وعليها بركة من جانب والله من جانب، ثم غيرها الحَجّاج وكتب عليها بسم الله في وجه، وفى وجه الحَجّاج. انتهى.
وقال: أول من ضرب السكة المركنة أبو عبد الله المهدى القائم بأمر الموحدين، وكانت الدراهم قبل ظهور الدولة الموحدية كلها مدورة، فأمر المهدى وعهد إلى خليفته عبد المؤمن أن تكون دراهمه مركنة فكانت كذلك إلى أن قال: وكان بمدينتى فاس القرويين والأندلسيين دار سكة فنقلهما الخليفة أبو عبد الله الناصر بن المنصور الموحدى إلى دار أعدها بقصبتها حين بناها سنة ستمائة، وأعد بها مودعا للأموال المندفعة بها ولطوابع سكتها وغالبا ما كان يسبك به الذهب.
تنبيه: ما قدمته من أن مولانا إدريس هو أول آل البيت دخولا للمغرب به صرح غير واحد وأطلق، ولا إشكال في كونه كذلك بالنسبة للمغرب الأقصى، وأما غيره فقد وقع في "حجة المنذرين" أنه سبقه إلى دخول المغرب الأدنى أخوه سليمان هـ.
أقول: ويرده قول ابن خلدون: وأما سليمان أخو إدريس الأكبر فإنه فر إلى المغرب أيام العباسيين فلحق بجهات تاهرت بعد مهلك أخيه إدريس. انتهى.
وقال قبل هذا ولحق به -يعنى الإمام إدريس الأكبر- من إخوته سليمان، ونزل بأرض زناتة من تلمسان ونواحيها، ونذكر خبره فيما بعد. انتهى.