وكانت الدراهم في أيام الفرس مختلفة على ثلاثة أوزان، منها درهم على وزن المثقال عشرون قيراطا، ودرهم على وزن عشرة قراريط، فلما جاء الإسلام واحتيج إلى تقدير الزكاة أخذ الأوسط من جميع الأوزان الثلاثة وهى اثنان وأربعون قيراطا، فاتفقوا على أن يكون الدرهم على وزن أربعة عشر قيراطا من قراريط المثقال، والمثقال أربعة وعشرون قيراطا كل قيراط من ثلاث حبات، وأربعة وعشرون في ثلاثة، اثنان وسبعون فهو من اثنين وسبعين حبة.
ومن البرى لوتيمة بسنده عن ابن عباس، قال: إن أول سكة وضعت في الأرض الدنانير والدراهم وضعها ثمود بن كنعان، وكان الناس يتبايعون قبل ذلك بالتبر من الذهب والفضة، فلما ضربت الدراهم والدنانير نخر إبليس نخرة وقبض عليها في يده وقبلها، وقال: استمسكت من بنى آدم، بكما يقطعون الأرحام ويسفكون الدماء ويظلم بعضهم بعضا.
وقيل: إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما رأى اختلاف الدراهم نظر إلى أغلب ما يتعامل الناس فيه من أعلاها وأدناها، فجعل منها اثنى عشر دانقا، وأخذ نصفها فكانت ستة دوانق، فمتى زدت على الدرهم ثلاثة أسباعه كان مثقالا، ومتى نقصت من المثقال ثلاثة أسباعه كان درهمًا.
وكان الفرس عند فساد أمورهم قد فسدت نقودهم، والنقد هو الخالص من الذهب والفضة، فاتسع فيه حين جعل المعجل من كل مدفوع نقدًا من كل شئ فميز المغشوش من الخالص.
وقد اختلف في أول من ضربها في الإسلام، فقيل: عبد الملك بن مروان وكانت حينئذ الدنانير من ضرب الروم، والدراهم من ضرب الفرس كسرى وحمير، وكانت قليلة فأمر عبدُ الملك بن مروان الحَجَّاجَ بضربها سنة أربع وسبعين من الهجرة، وقيل خمس وسبعين، وكتب عليها: الله أحد الله الصمد.