أديب لبيب، من أبرع الكتاب وأنبههم، آية في الترسيل وقرض الشعر، صاحب أخلاق حسنة، وأفعال مرضية مستحسنة، سعاء في قضاء حوائج العباد، هين لين مقتصد بشوش.
وجهه مستوزره السلطان سيدى محمد سفيرًا لفرنسا في ثالث عشر قعدة الحرام عام ستة وسبعين ومائتين وألف، وكان وصوله لباريز عشية يوم الأربعاء متم الشهر، وأقام بباريز اثنين وأربعين يوما، وقد ألف في رحلته هذه رحلة سماها "تحفة الملك العزيز بمملكة باريز" وصف فيها ما شاهده في سفره من المنتزهات ودور الآثار والسكك والسلاح والسياسة والنظام والمدن التي دخلها والعوائد والأخلاق التي رآها وصفا كاشفا.
وقال: إن من جملة ما خاطبنا به وزير خارجية فرنسا منذ مقابلته لنا إن جميع مملكة فرنسا ممنونة ومتشكرة بإحسان مولانا السلطان مولانا محمد بإنعامه بهذه السفارة، وهى مبدأ كل خير بيننا فأجبناه بما يطابق كلامه وكِلْنا له بالمدّ الذى كَالَ لَنَا بِهِ.
واتفق أن وجد في سفارته هذه عم السلطان في احتضار، وفى يوم الأحد سادس يوم من يوم الدفن صدر الإذن لهم بمقابلة السلطان بعد الزوال بساعة ونصف، ولما مثلوا بين يديه خاطبه السفير بقوله: بعد أن نهدى أيها السلطان العظيم لمقامكم الرفيع التحية التي تناسب حضرة عظماء الملوك، نعلم جنابكم المعظم أن سيدنا ولى نعمتنا سلطان المغرب أيده الله وأعزه، وجهنى إليكم سفيرًا لنسلم عليكم في اسمه الشريف، ونجدد العهد بدولتكم الفخيمة، ونهنيكم بلسانه العزيز على ما منحكم الله من السلامة ويسر لكم من الجلوس على كرسى ملك أسلافكم العظام، وجمع كلمة الجنس وزوال ما فيها، ونبين لكم ما عنده من السرور نصره الله بذلك على عادة الملوك المتحابين لا سيما مثل سلطنتكم التي لأسلاف سيدنا معها المحبة القديمة والمواصلة الأكيدة، ونقرر لكم ما عنده أعزه