وذكر سرى بين البرية طيب ... كما هب ريح عطرته الخمائل
وأوضاع علم يستضاء بنورها ... ونظم ونثر للمحاسن شامل
فصبرا أبا عبد الإله فإنما ... بقدر جبيل الخطب تعطى الجلائل
وإن مصاب المسلمين بفقده ... مصاب عظيم هاج منه البلابل
أحمدون من للمشكلات يبينها ... إذا قصرت عن فهمهن الأفاضل
ومن لعلوم الدين يتقن درسها ... فتشرق نورا من ذكاه المسائل
ومن للمعانى والبيان يبينه ... بعضب لسان للجهالة قاتل
ومن لامتداح المصطفى بمدائح ... عليها من السحر الحلال دلائل
ومن لذوى المعروف إن عنَّ حادث ... فيلقاهم بشر لديك ونائل
لقد كنت غوثا للأنام ومنهلًا ... إذا ما عرتهم من زمان نوازل
وكنت دليل السائرين إلى العلا ... وبدرا بآفاق الهدى متكامل
وكنت لهذا الدهر زينا وحلية ... فها جيده من بعد بعدك عاطل
وكنت لذى الحاجات خير وسيلة ... إذا عدمت في العالمين الوسائل
فأصبحت مقصى في ديار جنيبة ... وقد عدمت تلك العلا والفضائل
وأضحت ربوع العلم وهى كئيبة ... خوال ونور العز بعدك حائل
وأصبحت الطلاب بعدك في ظما ... وقد كدرت للواردين المناهل
وعاثت جيوش الحزن فيهم وحكمت ... على الرغم في الأحشا الظبا والعوامل
ونار الجوى بين الجوانح أججت ... وسحب الدموع في الخدود هوامل
فما عيشهم من بعد بعدك صالح ... ولا في الحياة بعد فقدك طائل