للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العام، وما شرب قط مسكرًا في عمره، ويعتمد على الله في سائر أحواله، وإذا دخل في صلاة توجه بكليته إلى ربه، ويتجرد من نخوة الملك وحلته، ويطلب من الصلحاء والحجاج والعلماء الإكثار من الدعاء له بظهر الغيب.

وقد أقام سنة صلاة الاستسقاء في سنة الجدب التي كانت سنة ١٦٨٠ فخرج بنفسه في اليوم السابع عشر من مارس حاسر الرأس حافى القدمين في بذلة خلقة مصحوبا بسائر حاشية ملكه، والجم الغفير من رعيته.

وبعد إقامة الصلاة بذلك الجمع زار سائر مساجد المدينة واستغرق ذلك يوما كاملا، ولما رجع إلى قصره أصدر أمره لسائر المسيحيين الذين بإيالته بتنكيس سائر الأصنام التي بكنائسهم ومحال عبادتهم، ويعظم أرباب الزوايا وأهل الصلاح المشهورين بالاستقامة، ويدعو المسيحيين للدخول في دين الإسلام.

صدرت منه مكاتب بذلك لجل دول أوروبا، أشهرها كتابه للويز ١٤ يذكره بكتاب النبى إلى هرقل عظيم الروم، ويدعوه إلى الإسلام، ويدعو الرهبان الموجودين بإيالته لحضرته، ويناظرهم في الدين ويأمرهم بإحضار ما لديهم من الكتب والحجج والدلائل على معتقداتهم، ويتناول ذلك بالنقد والبحث، معتمدا على التآليف الإسلامية التي كان يحضرها في المجلس.

وله اهتمام كبير ببناء مكناس -عاصمة ملكه- وتعميرها وزخرفتها وتزيينها، كأنه يريد أن يحدث لأمته آية من آيات ملكه تكون عجبا لقومه، وآية لمن يأتى من بعده".

قال: "وكان من مزيد اهتمامه تجاوز حد المهندسين الفنانين في أعماله، يهتم في هذا الأمر بجليله وحقيره، فيصدر الأوامر للبنائين بنفسه، ويراقب أعمال العملة بشخصه، ولا يترفع عن تناول المسحاة -الفاس- أو أى آلة من آلات البناء

<<  <  ج: ص:  >  >>