شئ من أنواره. وورود مورد عذب من موارده. واقتناص بعض من شواذه وشوارده. جرتنى الأقدار إلى إملاء بعض الدروس. إسعافا لطلاب عطشى الأكباد غرثى النفوس. فتصديت لا عن أهلية منى لذلك المنصب الوسيم. ولكن إذا اقشعرت البلاد وصوح نبتها رعى الهشيم.
ثم إن المستدعى في الأوراق قبله الطالب الأرشد. الأنجب الأسعد. أبا عبد الله السيد محمد التهامى بن محمد الحمادى. بلغه الله أمله وأسبغ عليه جلائل الأيادى. كان ممن لزمنى مدة. وأعد للأخذ عنى عدة. فحضرنى في مجالس منقول ومعقول. وفروع وأصول. وآلات ومقاصد. ومباحث وفوائد. وحصل بتوفيق الله على ما يسر له من فهم وعلم. وظفر بما أتيح له من حفظ وقسم. وبدت آثار رشده وهدايته ولاحت معالم تحصيله ونجابته. ولذلك أسعفته فيما التمس من الإجازة تبركا بطريق السلف وإيثارًا للاتباع. وإن كنت أقول المدار اليوم على إظهار ما وصل إليه الباع. فهو الشاهد لك أو عليك. والحجة القاطعة لديك فأقول: قد أجزت الطالب المذكور فيما رويت أو دريت إجازة تامة. مطلقة شاملة عامة. بشرط التثبت والتحرى. وأن يقول فيما لا يدريه لا أدرى. فإنها مما يكمل وليست مما يزرى. ولقد أجاد من قال:
ومن كان يهوى أن يرى متصدرا ... ويكره لا أدرى أُصيبت مقاتله
وذكر ابن عبد البر في مقدمة التمهيد أن الإمام مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنين وثلاثين لا أدرى، واشتهر عنه في كتب الأصول أنه سئل عن أربعين فقال في ست وثلاثين لا أدرى والله يرشدنا وإياه إلى سواء السبيل. وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى الكريم. وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات وأزكى التسليم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.