ووزانه جواز إعانة الأخف مفسدة متطرقة على الأشد، ثم قال: ويجوز الدفع عن الأخف ضررا ومفسدة والقتال معه لدفع ما هو أشد هـ.
وعليه فقول خليل فللعدل أى ولو بالإضافة هـ.
ولا خفاء أن حال عبد المؤمن مع المقوم عليه من بقية المرابطين لا يخرج عن الحال التي تكلم عليها سُحْنُون والحالة التي تكلم عليها عز الدين، وحينئذ فبُغْض المكناسين للزرهونيين لأجل مبادرتهم لبيعة عبد المؤمن وإعانتهم له في حصار مكناس خارج عن القوانين الشرعية والسياسية، وإنما هو أمرٌ قَادَتْهُمْ إليه طبيعة النفوس على عادتها في مخالف هواها إلا من عصمه الله وقليل ما هم.
ويكفى اللبيب هنا أن يتذكر أن المغرب كله إنما سعد بقيام مولانا إدريس على بنى العباس فيه، وأن أهل وليلى الذين تفرقوا في جبل زرهون هم أهل اليد البيضاء في تلك الساعة بِبِدَارِهم دون غيرهم لمبايعته، وبكون سعادة باقى قبائل المغرب مكناسة وغيرهم في ذلك إنما كانت على يدهم وبحسب التبعية لهم ومن نتائج نصرتهم له وإشهار سيوفهم على كل من انقبض عن طاعته، ولم يحتم بمعاهدته، فسبقهم إلى ميادين هذه الخيرات عتيق، وقديما آووا منه إلى الركن الوثيق، فالإنصاف مقابلتهم على ذلك بالشكران، ولله در أبى العباس الحلبى إذ قال شاكرًا لهم على ذلك ومترنما بمديحهم في دره النفيس:
إن مدحت الماجدين أوربه ... وجد القلب بمدحى أَرَبَهْ
مدح من أيد إدريس الرضا ... ابن طه المصطفى ما أطيبه
ورضا مولى الموالى استوجبوا ... إذ أجابوه بما قد طلبه
وامتثال الأمر منهم فيهم ... كل فرد منهم قد أوجبه
واحمدن عبد الحميد المرتضى ... إذ دعاهم وإليهم حَبَّبَهْ