أصبح الصباح هرع الناس للمسجد المذكور فرادى وأزواجا، ولم يتخلف أحد من أهل الحل والعقد وأولى العصبة، وأتى الخليفة السلطانى صنو المترجم مولاى إسماعيل للمسجد المذكور وفى معيته أعيان الجند وذوو الوجاهة ممن بفاس الجديد على اختلاف الطبقات.
ثم فتحت مقصورة المسجد للخليفة والقاضى وأعيان العلماء والعدول وصاروا يدعون طوائف الناس لوضع خطوطهم بالموافقة على البيعة للمترجم طائفة بعد طائفة، الأشراف أولا، ثم العلماء، ثم الأعيان، ثم القواد والرؤساء، ووقع الإشهاد على الجميع بالبيعة للمترجم على المنشط والمكره والسمع والطاعة.
وكان أول من وقع الإشهاد عليه بذلك الخليفة المذكور، ثم الفقيه العلامة مولاى إدريس بن عبد الهادى، ثم عم المترجم مولانا عبد القادر.
وفى يوم الأربعاء مهل شعبان وردت جميع القبائل المجاورة لفاس التابعة له وأدوا بيعتهم كما يجب، ووقع الإشهاد عليهم وطير الإعلام لصاحب الترجمة، ووجهت له المكاتب بذلك.
وبويع له بمكناس ونواحيه ووجهت لحضرته السلطانية كتب البيعات وقصائد التهانى. فمن ذلك قصيدة تهنئة وتعزية للفقيه الأديب السيد العربى بن على المشرفى الفاسى وهى:
ضحكنا سرورا بعد ما عمنا الحزن ... وخفنا وعن قرب تداركنا أمن
سرور وحزن دفعة قد تواردا ... كصيحة رعد بعدها قد هما مزن