للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطانية ظنا منهم أن الملأ لا زالوا بأبى الجنود، ولما توجهوا بالكتاب وجدوا الجموع تفرقت بعضها ذهب مع السراج لحراسته بداره، والبعض الآخر للحرم الإدريسى بقصد قتل بنيس، فرجعوا بكتابهم إلى الخليفة وقصوا عليه القصص، فأشار القاضى بتوجيه الكتاب المذكور للسراج بداره وأن يؤمر بقراءته على منبر القرويين، فاستحسن رأيه.

ووجه بالكتاب للسراج لداره فقام مظهرا بالامتثال لتنفيذ ما أمر به، فبلغه في أثناء الطريق أن البارود وقع بمولانا إدريس، فرجع لداره قائلا: لا أذهب لئلا يشتد الأمر ويقول الناس أنا المتسبب في ذلك والمغرى عليه.

وأما الأوباش الذين توجهوا لقتل بنيس بمولانا إدريس فإن عاصف ريح التخالف نفخ فيهم أثناء الطريق، وفرقهم أى تفريق، ولم يصل منهم للحرم الإدريسي إلا النزر القليل، ولما رأى ذلك الشرفاء الأدراسة وأنصارهم، سدوا جميع أبواب الحرم وتقلدوا أسلحتهم وارتقوا لسطح الحرم والسطوح المجاورة له، وأخرج الشرفاء المذكورون بنيس من المحل الذى كان به وأنزلوه بشماسة وطاقة من شماسات قبة الضريح، وجعلوا عليه حراسة كافية وأطلقوا البارود من السطوح، فأصاب بعض الضعفاء.

وضج من لا خلاق له من السفهاء وطلعوا للسطوح العالية المشرفة على سطح الحرم الإدريسى لقتل جميع من راج به، ففر جميع من كان بها، وتعذر على الناس المرور في الأزقة حتى إن رجلا درقاويا كان من الرماة يبيع شاربات، قال: اتركونى أصعد لبرج القرويين وأقابل سطح مولانا إدريس وكل من ظهر به أرميه بالرصاص وأقتله، فأجابه العقلاء بأن حرم مولانا إدريس هو حرم للمغرب بأسره. لا لخصوص الأدارسة القائمين بأمره، فوالله لا نترك أحدا يؤذى به من المحتمين بحماه.

<<  <  ج: ص:  >  >>