يقولون بتفضيلهم كفعل اليهود في تفضيلهم لعبد الله بن سلام قبل علمهم بإسلامه وتنقيصهم له بعده والقضية في الصحيح، وأما حديث لو كان الإيمان بالثريا لأدركه رجال من فارس يعنى الفرس كما يأتى عن زروق فهو خاص في خاص ثم هو بيان لفضلهم لا لتفضيلهم.
والنصارى جمع نصران كالندامى جمع ندمان، ونصران صفة مشبهة كعطشان وسكران إلا أنه غير مستعمل، والمستعمل هو نصرانى بزيادة الياء التي للمبالغة، هذا إذا عبر به المفرد الواحد، وإذا أريد التعبير عن الأفراد المتعددة يقال نصارى، سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح عليه السلام، أو لأنهم كانوا معه في قرية اسمها نصران أو ناصرة فسموا باسمها، أو من اسمها وعلى هذا فالياء ياء نسبة لا زائدة للمبالغة، ثم هى نسبة للملة والدين المسيحى فكل آخذ به فهو نصرانى من أى فريق كان وفى أى بلد كان.
وكذا النسبة في المجوسى فإنها دينية فكل آخذ بدين المجوس فهو مجوسى أيا كان، ولا كذلك الرومى والفرنجى وأشباههما، فإن النسبة في ذلك طينية وبلدية لا دينية.
وقرية ناصرة هى بطبرية على ثلاثة عشر ميلا منها، وفى معجم ياقوت وكان فيها مولد عيسى عليه السلام، ومنها اشتق اسم النصارى، وكان أهلها عيروا مريم فيزعمون أنه لا يولد بها بكر إلى هذه الغاية، وأن لهم شجرة أُتْرُج (١) على هيئة النساء وللأترجة ثديان وما يشبه اليدين والرجلين وموضع الفرج مفتوح، وأن أمر هذه القرية في النساء والأترج مستفيض عندهم لا يدفعه دافع وأهل بيت المقدس يأبون ذلك ويزعمون أن المسيح إنما وُلد في بيت لحم، وإنما انتقلت به أمه إلى هذه
(١) الأُترج: شجر يعلو، ناعم الأغصان والورق والثمر، وثمره كالليمون الكبار، وهو ذهبي اللون، زكي الرائحة، حامض الماء. وهو كثير بأرض العرب، وتبقى ثمرته عليه جميع السنة.