للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه فما وقع في "الروض" هنا بعد ما قدمناه عنه من قوله ويذكر أن أصل أهله يعنى جبل زرهون روم هـ لا يلتفت إليه وكأنه لذلك أشار بحكايته له بلفظ يذكر الحاكم بعدم ثبوته.

وقول "الروض" كانت البلاد ديار كفر مجوس ونصارى إلخ، قلت: أما المجوس فهو في الأصل معرب منج كوش -بضم الكاف- ومعناه قصير الأذن عرف به رجل صغير الأذنين كان في قديم الزمان اخترع دين المجوسية ودعا إليه فتوبع عليه، ثم بعد زمن سيدنا إبراهيم عليه السلام نشأ رجل آخر اسمه زرادشت الفارسى فجرد هذا الدين المجوسى وأظهره وزاد فيه، وعلى يده دخلت الفرس فيه لثلاثين سنة خلت من ملك ملكهم يستاسب، فتمجسوا حينئذ عن آخرهم بعد أن كانوا في الطور الأول على دين سيدنا نوح عليه السلام، ثم صاروا في الطور الثانى لدين الصابئة واستمروا عليه نحو ألف سنة، ثم بعد ذلك صاروا في طورهم الثالث للمجوسية بدعوة زرادشت الذى يعتقدون فيه أنه نبى مرسل، وبإعانة ملكهم يستاسب كما بينا، ومدار دين المجوسية على تعظيم النار وسائر الأنوار والقول بتركيب العالم من النور والظلمة واعتقاد القدماء الخمسة، وهى عندهم: البارئ تعالى، وإبليس لعنه الله. والهيلولى، والزمان، والمكان وغير ذلك من تفاصيل المجوسية كما بينه صاعد الأندلسى في طبقات الأمم، وقد تولى بسط. تفاصيل هذا وبيان فرق أهله الإمام الشهر ستانى في "الملل والنحل" وغيره، فمن تعلق له غرض بها فلينظرها هناك، ومن نحل أهل المجوسية تفضيل الفرس على العرب وعلى سائر الأمم كذا في "صبح الأعشى" للقلقشندى المولود سنة ست وخمسين وسبعمائة المتوفى يوم السبت عاشر جمادى الأخيرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة.

قلت: وتفضيل المجوس للفرس على غيرهم هو تفضيل لأشراف أهل ملتهم على الغير اتباعا لحمية الجاهلية لا غير، ولعلهم بعد دخول الفرس في الإسلام لا

<<  <  ج: ص:  >  >>