"الفقيه النائب في القضاء بفاس الأرضى، السيد محمد بن عبد الرحمن سددك الله وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد: فقد بلغنا أن أعيان يهود ملاح فاس العليا اجتمعوا واتفقوا على إحداث أمر بملاحهم مخالف لعاداتهم وهو نصب حزان وتاجرين من تجارهم في ملاحهم للحكم فيما يعرض بين إخوانهم من الوقائع كالسرقة وسائر الدعاوى وعلى إبدالهم في رأس كل شهر بآخرين، وصار هؤلاء الحكام يقبضون على من أرادوا من خصوم إخوانهم ويوجهونهم للسجن على يد عاملهم ويسرحونهم منه على يده وحيث لم تجر لهم عادة بنصب ما ذكر، وكانوا معاهدين والأمور التي بينهم وبين المسلمين كلها مبنية على قواعد الشرع رددنا قضيتهم للشرع، وعليه فنأمرك أن تجتمع أنت والفقهاء المسمون يمنته وتتنزلوا لهذه القضية وتعطوها حقها من النظر والتأمل والبحث ومراجعة عقد ذمتهم، هل هم معاهدون في ذلك أم لا؟ وما اقتضاه الشرع في النازلة من تسويغ ذلك لهم أو منعهم منه وردهم لعادتهم، طالعوا به علمنا الشريف وأعلموا به خالنا القائد العربي ولداب محمد لينفذه فقد أمرناه بتنفيذه والسلام في ٦ ربيع الثَّاني عام ١٣٠٠".
والفقهاء المشار لهم في الظهير هم على التَّرتيب الفقيه السيد الحاج محمد جنون، والفقيه السيد جعفر الكتانى، والفقيه السيد أحمد بن الحاج، والفقيه السيد الحميد بنانى، والفقيه السيد عبد الله الودغيرى.
وقد كان جواب هؤلاء الفقهاء أن يمنع اليهود ممَّا أحدثوه من نصب حزان وتاجرين يبدلون كل شهر بغيرهم، وجعل عاملهم المسلم منفذاً لأمرهم، يسجن وشرح من غير أن يعرف لذلك وجها، واستند الفقهاء في ذلك لعهد لعمر مع نصارى الشام وقفت على نص ذلك بخطوطهم ما عدا جنون مؤرخاً بعشرين جمادى الأولى من السنة.