المشوشة للراحة العامة المعدمة الأمْن في السبل بضرب رقابهم وأسر رجالهم وحز رءوسهم وحصد زروعهم وهد حصونهم المنيعة، وأذاقهم أليم النكال وحرق مداشرهم وشدد عليهم الحصار حتَّى ضاق بهم المتسع، وأذعنوا للطباعة رغم أنوفهم، وجاءوا تائبين منيبين مذعنين فعفا عنهم عفو قادر، وألزمهم إعطاء عدد وافر من البقر والغنم وغير ذلك ذعيرة لهم فأدوا جميع ذلك من غير أدنى تمنع ولا مماطلة وولى عليهم العمال وكتب لعواصمة مبشراً بهذا الفتح الباهر ومحققاً للواقع.
وإليك نص ما كتب به لصنوه وخليفته بفاس بعد الحمدلة والصلاة والافتتاح:
"مولاى إسماعيل وبعد فإنا لما خيمنا بحول الله وقوته بملوية بالدار بالمرحلة الثالثة منها تخييم يمن وأمان وعرجنا على قصور الصلحاء من بنى مجيلد عمدت المحلة إلى أكلها ظنًّا منهم أنها من قصور الفساد وأنها المقصود بذلك الناد، فوجهنا من جيشنا السعيد من كلهم عن ذلك حتَّى صيرناهم في ظلال الأمن نائمين. وفى قصورهم مطمئنين.
وفى أثناء ذلك توجهت الطوبجية أمام فساد بنى مجيلد فوصلوا إلى قصر من قواهر قصورهم سمى اغرم منى بمحل من ملوية يقال له بوعجول، وبه نزلت المحلة السعيدة وبالقصر المذكور مدخراتهم وأموالهم وأمتعتهم فناوشوهم بالمضاربة. وأعلنوا بالمحاربة. فتضاربوا معهم من ذلك القصر، ولما بلغنا ذلك وجهنا لهم المدد من العساكر المنصورة. وجيوش الله الموفورة. فأذاقوهم المرائر وأرهقوهم بالقسر وقطعوا منهم رءوساً. واستأصلوا منهم نفوساً. وقبضوا على مساجين وأذاقوهم مرارة الحين في الحين. وصاروا يأتون بالرءوس والمساجين إلى أن جن الليل فأمرناهم بالرجوع إلى الصباح، ليرتب أمر ضربهم على مقتضى الكفاح فإذا بمن بقى في مكامن القصر ذر منه وتركه بلقعاً، ولم يبقوا منه فرداً ولا جمعاً.