وزروعهم المرعية قاسوا على ذلك بأخريات الأثقال ما حاولوه، واجترءوا على ما تناولوه، فرددنا عليهم من يعتد به من قبائل الإعراب وآيت يوسى وبنى حسن وبنى مطير وجروان والعساكر المنصورة بالله من أبطال الرماة والفرسان فشنوا عليهم الغارات، وجعلوهم أغراضاً للإشارات، واقتنصوهم اقتناص العقبان للعصافير، ونفذ الوعيد في طائفة منهم بعد أن تركوا قصورهم وأعز أماكنهم بلقعا ليس فيها عيس ولا يعافير، فقطعت منهم رءوس، واستؤصلت منهم أعز نفوس، وكان بؤس ذلك عليهم أشد بؤس، وأسام من وقعة البسوس، فلم يفلت من لم تصبه سهام الله إلَّا الفرار، للبرارى والقفار، وتركوا جيفهم صرعى صادين عنهم إلى ساحات النفار.
ولم تلتفت المحلة إلى حز ما بقى من رءوسهم شغلا بالسعاية. وحرصا على الجباية. قالا فلو احتزت منهم تلك الرءوس لكانت تملأها أحمال. ولعبت بها الجمال. وما تحصل من الرءوس ممَّا فيه الكفاية. وجهناه لفاس إيذاناً بعنوان البداية. ثم لا نبرح عنهم بحول الله. إلَّا إذا استأصلتهم سطوة الله. وأذيقوا مرارة الوبال. وأليم النكال. بمعونة الله. ولم تغنهم من الله حصون بحول الله. ولا ما اتخذوه وزراً وفيئاً، ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً، والمحلة بحول الله مشتدة مصونة صائلة، في أرغد عيش وأطيبه بائتة وقائلة. تتربص بالفساد الدوائر. وتذيقهم كل يوم المرائر. وأعلمناكم لتأخذوا بحظكم من الفرح، وتعلموا أن الله سبحانه يتولانا في الطغاة بمنه وفضله ومعونته وفق المقترح. إنه مفضال غنى كريم. ناصر الحق عزيز حكيم. والسلام في ١٥ شوال عام ١٣٠٥".
ثم نهض المترجم في جنوده وسار إلى أن وصل للمحل المعروف ببولعجول مدشر كبير محصن غاية التحصين أمامه عدة مداشر متفرقة، في بسائط ذات خصب وعيون دافقة وحراثة متسعة، وهنالك أوقع بتلك القبيلة الشاردة عن الطباعة