للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعيين لموقع مكناسة بالجهة والمسافة، حتى يعلم أن ما بعد عن طريق سلا وعن المسافة المذكورة ليس من مكناسة، وقد تضمن وصفه لبعد ما بين مدنها الإشارة لقدر مساحته أيضا حتى لا يقع في وهم أحد اشتباه شمول موقعها بموقع غيرها مما خرج عنها.

وقوله: ومدينة مكناسة يعني أعظم مدنها عمارة وحضارة كما يؤخذ من قوله ولم يكن في أيام الملثم بعد تاقررت ... إلى آخره، أو مراده المدينة القائمة المرعوفة بذلك في وقته.

وقوله: الآن، يشير به لتاريخ تأليفه لكتابه المنقول منه، وذلك أواسط القرن السادس من الهجرة كما بينه ابن خلدون في مقدمته وغيره.

وقوله سميت باسم مكناس البربري لما نزلها مع بنيه (١) ... إلخ، صريح في أن جد القبيلة نفسه نزل بها، فيستفاد من ذلك وجه كونها تسمى تارة مكناس، وتارة مكناسة، وهو أن الأول ملحوظ فيه اسم أكبر الحالين بها، وهو جد القبيلة، والثاني ملحوظ فيه اسم القبيلة.

وقوله ولم يكن في أيام الملثم (٢) ... إلخ، الذي ينصرف إليه هذا الوصف عند الإطلاق هو يوسف بن تاشفين فرد تلك الدولة الكامل أعظم أمراء المرابطين، وإنما قيل له الملثم لكونه كان يستعمل اللثام في وجهه على عادة قومه، وعلى ذلك جرى أمراء بنيه وقومه من بعده، وأيامه كانت في النصف الأخير من القرن الخامس كما علم من تاريخ وفاته الذى قدمناه، وحينئذ يكون هذا مقتضيا لكون تاقررت كانت موجودة زمن يوسف بن تاشفين، وذلك موافق لما قدمناه عن ياقوت الحموي من أن يوسف هو المختط لمكناس الحادثة أي تاقررت، ولكن قدمنا تصريح ابن غازي من أئمة مكناسة بأن تاقررت إنما اختطت بعد ظهور الموحدين، وذلك إنما كان بعد موت يوسف بسنين، وعليه فيحمل الملثم في عبارته على من اختطت تاقررت في أيامه من أمراء بنيه.


(١) نزهة المشتاق ١/ ٢٤٤.
(٢) نزهة المشتاق ١/ ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>