للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسفل هذه المنازل على مجرى الماء الذي يأتي من بني عطوش قبيلة بني برنوس من مكناسة، وهي في منازل وديار ومزارع وكروم وعمارات وزيتون كثير وفواكه تباع بالثمن اليسير، وفي شمال قصر أبي موسى سوق يقصد إليها في كل يوم خميس يجتمع إليه جميع قبائل بني مكناس وتسمى السوق القديمة، ومن قبائل بني مكناس المجاورة لهذه البلاد بنو سعيد وبنو موسى ويسكنها من غير قبائل مكناسة، بنو يسيل، ومغيلة، وبنو مصمود، وبنو على، وورياغل، ودمرو، وأَوْرَبَة (١)، وسبغاوة (٢).

فقوله مدائن عدة قد سمى منها بعد تاقررت وبني زياد وتاورا والقصر أي المعنون عنه سابقا بالحصن وبني عطوش، وقد بين تقارب بعضها من بعض بأن بين واحدة والأخرى نحو ربع ميل، وبعد أن وصف بني زياد وتاورا بذلك بين أن مدينتي الحصن وبني عطوش واقعتان بينهما، فيكون تباعد هذين المدينتين فيما بينهما وفيما بين ما هما واقعتان بينه أقل من ذلك بكثير، وأنت تراه قد وصف العامر والغامر من هذه المدن ولم يعد منها مدينة وَلِيلَي، مع كونها لو كانت من مكناسة عنده لكانت أولى بالتوصيف من جميع ما ذكر لما تقدم من قدمها، وأنها مدينة أزلية، وأنها حاضرة البلاد، فدل ذلك على أنه لا يراها منها ولا أن موقعها من بلاد مكناسة.

وقوله وهي في طريق سلا، يعني للقاصد لها من فاس وأحوازه، وقد صرح في كلامه الذي اختصرنا ذكره بأن بين فاس ومكناسة أربعين ميلا، وكل ذلك منه


(١) في نزهة المشتاق: "دمر وواربة". وأوربة: قبيلة شهيرة من البربر البرانس، كانت في القديم تشتمل على بطون وعمائر كثيرة، مثل: جاية، ونفاسة، وزهكوجة، ومزيانة، ورغيوة، ودقيوسة. وقد عظمت تلك البطون فيما بعد حتى صارت في عداد القبائل. كانت مواطن هذه القبيلة عند دخول الإسلام إلى المغرب بجبل زرهون وما جاوره، وكان أميرها يدعى سكرديد بن زوغى، ولى عليهم مدة ٧٣ سنة، وأدرك الفتح الإسلامى، ولما مات سنة ٧١ بقيت زعامة البربر في هذه القبيلة حتى دخل إدريس الأول المغرب، فتنازل له إسحاق بن محمد الأوربى عن الإمارة وقام بنصرته، وبعد ذلك اندمجت وربة في عداد القبائل البربرية واندثر اسمها، ونسب أهلها إلى الجبل الذى يسكنون به (زرهونى - الزراهنة) ولم يبق يحمل اسمها إلا بطن تحول إلى ناحية تارة واندمج في قبيلة البرانس (وربة) ولكن بقى ما يذكر بها كأولاد الوربى، وحومة الوربية بفاس.
(٢) نزهة المشتاق ١/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>