يكفر الله به الأوزار لعظم البحر ذلك اليوم مما فيه من تراكم الأمواج والهيجان، ومن كون ذلك المحل محل اجتماع البحرين الصغير والكبير، وقد أدركنا ركوبا في البحر خمس ساعات.
ولما دخلنا مرصة سبتة صحبة باشادور إصبانيا وترجمانه، وجدنا حاكمها متلقيا لنا بشاطئ البحر، وقابلنا بغاية الفرح بعد ما وجه لنا نائبه للبابور مقابلا أيضا بالترحيب نيابة عنه، ومنه نزلنا من البحر ووطئنا الأرض ونحن ذاهبون، وأعيان البلد معنا والعساكر مصطفة، والموسيقى نجدها في كل محل نصل إليه، زيادة على ما خرج من المدفع حتى وصلنا لدار الحاكم التي بها نزولنا، فأطلعنا لأماكن فاخرة عديدة مزينة بأنواع الفرش الرفيعة، وبديع الأثاث الفخيمة، وجلس معنا الحاكم، وصار أعيان البلد والعساكر يسلمون علينا كل واحد على انفراده منفردا، وقابلناهم بما يناسب، وأتانا بالأطعمة والأشربة المختلفة الألوان، ولا يمر ربع ساعة إلا ويقول لترجمانه قل له: إن قدومه علينا لا يوازيه شئ، وإن الفرح والسرور الذى حصل لنا بقدومه لا يكيف ونحن نقابله بما يناسب المقام.
وبتنا تلك الليلة فلما أصبح يوم الثلاثاء الرابع من شهرنا قدم سلطانهم يعنى ظهرت من البعد مراكبه، وحصل المرصة في الساعة العاشرة ونصف، وبقى في البحر إلى الساعة الواحدة بعد الزوال لأن الوقت الذى وصل فيه كانت وقت أكله، وما وسعه النزول في ذلك الوقت.
وفى الوقت المذكور دخل المدينة وذهب يتطوف بأماكن البلد ويزور مواضع زيارتهم ووقف على حدود بلادهم، ورجع في الساعة الرابعة ونصف، ودخل المحل فأخذ يلبس ثياب زينته وأمر بعد هذا بملاقتنا معه، وكانت ملاقتنا معه بالمحل الذى نحن نازلون به لأنه به نزل هو أيضا لكبره، وكان الفاصل بيننا وبينه، ولقينا