ولا زال به إلى الآن وحتى الآن كمّا كنا على نية الرجوع لطنجة بحرًا في اليوم المذكور، فإذا به رأينا ما رأينا، وتأنّينا فإذا بالأمواج قد تراكمت وتكاثرت، وأخبر من له خبرة بمعرفة البحر وبفصول هيجانه أن هذا الشهر هو مارس لا يزيده إلا عتوًّا، وقد تحيرنا وانقطعت حيلنا ولم يبق إلا أن أقول ما قلته لك لما كنت معك برباط الفتح وطلبت منك التوجه لصلة الرحم مع والدتى وغلقت على جميع الأبواب وما أجبت إلا بقولى: هذه رحلة ألهمنا المولى سبحانه ونظرتك الفعالة لأن نوجه على قائد المحادة فأرسلنا عليه وجاء وطلبنا منه أن ينظر لنا بهائم توصلنا لتطوان إن أصبح البحر على حاله يوم الخميس، فقال: إن له فرسين إن أردتهما فعلى الرأس والعين وليس له سواهما، ونحن مفتقرون لنحو العشرة، فتحيرنا أيضا ولم نجد سبيلا إلى الركوب في البحر ولا إلى الذهاب في البر، فقلت ما قاله الإمام الشاذلى: انقطعت آمالنا وعزتك إلا منك، وخاب رجاؤنا وحقك إلا فيك وأنشدت البيتين: إن أبطلت غارة الأرحام ... إلخ.
فيسر الله بأن خرج القائد المذكور، وتلاقى مع بعض أحبائه، بأن أشاروا عليه بكراء بهائم، فاكترى لنا العدد الذى يخصنا من سبتة إلى تطوان، وهو عشرة بريالين لكل بهيمة والكل بالبرادع.
ومن علامات الإذن التيسير بلغ الشريف سيدى عبد السلام الوزانى الخبر باننا ما وجدنا إلا البهائم ذوات البرادع وهو ذاهب معنا منحنى ببغلته وركب هو على فرس، وكتبنا للقائد السيد أحمد الخضر بأن يهيئ لنا البهائم التي توصلنا إلى طنجة، وحليناه بما يناسب أن يحلى به من كونه محل الوالد، وأنه لولا محبته فينا واعتناؤه بجانبنا ما كتبنا له، وها نحن على نية الخروج من سبتة يوم الخميس قاصدين المبيت بتطوان في الساعة العاشرة، ومن تطوان إلى طنجة وهو يوم الجمعة بحول الله، وفى رفقتنا الباشادور، ويوم السبت يكون خروجنا من طنجة إن شاء