للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولجوط - بالجيم المعقودة إلى المدينة المذكورة وجوه الناس وأغنياءهم ولم يترك من الأقوات شيئا إلا نقله إليها، وترك جمهور الناس في مواضعهم.

فأول غارة شنها المُوَحّدون على تلك الأرض بسوق الغبار يوم الأحد، وذلك أنه لما وضعت هذه الموضوعات على الصفة المذكورة من التفرق كانت لهم سوق غبار بإزاء قصر ترزجين المتقدم الذكر، وهو الذي يسمى بالسور القديم -بالراء- أو بالسوق القديم -بالقاف- كما يجرى على ألسنة الناس اليوم.

ومسجد الحصن المذكور وصومعته لم يزالا قائمين لهذا العهد، وكان أهل القصر وأهل الحوائر يجتمعون إلى تلك السوق كل يوم أحد، فبينما هم يوم أحد قد اجتمعوا وكملوا بالسوق المذكورة وهي بأرض مرتفعة إذ أشرفوا على خيل مقبلة إليهم في زي المرابطين اللثم والغفائر القرمزية والمهاميز التاشفينية والسيوف المحلاة والعمائم ذوات الذؤابات فلما رأى القوم هذا الزي، قالوا: تقوية السلطان جاءتنا وسارعوا للقائهم فرحين بهم وهبطوا عن آخرهم، فلما خرجوا عن منع القصر والسوق حسر الفرسان اللثم، ونادوا أبابا يا المهدي! وكان ذلك شعارهم وأجالوا السيوف عليهم، ولم ينج منهم فيما ذكروا أحد وكانوا آلافا -رحمهم الله (١).

وما زال الناس لهذا العهد يتحدثون أن المقابر التي عند باب مسجد السوق القديم هي مقابر شهداء، فلعلهم هم والله تعالى أعلم (٢).

وكان الموحدون حينئذ يسمون الناس المجسمين ويقاتلونهم قتال كفر وكان الناس يسمونهم الخوارج (٣)، ولم تزل الغارات تشن عليهم فيقتل الرجال وتسبى النساء والذرية وتستباح الأموال، والتضييق يتوالى والمكايد تدبر والحيل تدار حتى ضاق ذرع الناس بكثرة الوقائع عليهم (٤).

ومن الأخبار التي كانت مشتهرة عند أهل الوطن أنه كان بأحواز تاورا شجرة


(١) الروض الهتون - ص ٦١.
(٢) الروض الهتون - ص ٦١.
(٣) الخوارج: أى المخالفين للمهدى.
(٤) الروض الهتون - ص ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>