وكان في كل جمعة يستدعى أعمامه وإخوانه وأصهاره وأعيان الشرفاء للغداء بجامع الصلاة من قصره العامر، ويفرق الطعام في ذلك اليوم على سائر الوزراء وأعيان الجيش حضرا وسفرا، وذلك بعد الفراغ من صلاة الجمعة.
وكان له ولوع بحليب النوق، وكان يفرقه على ذوى الخصوصيات لديه، وكان في كل عيد مولد يفرق الكسى على الأقاريب والأباعد كل وما يناسبه.
وكانت ذخائره وآلاته الملوكية التي زادت أضعافًا على ذخائر أسلافه الكرام مضبوطة مصونة مرتبة في أماكن خاصة مقيدة بكناش صغير لا يفارقه غالبا، ولا يمكن اختلاس شئ منها، وكذلك أمواله الخاصة به ذهبية وفضية، وعدد جيوشه القديمة والجديدة النظام، وعدد خيله وجماله وبهائمه وآلاته الحربية من مدافع ومكاحل وبارود وقرطوس مثبتة بذلك الكناش اللطيف الجرم الرقيق الورق.
وكانت رواتب جيوشه وكتبته وخدامه ومؤن عسكره مياومة ومشاهرة مضبوطة، وكذلك صوائره اليومية، وكانت صوائر أبنيته لا يدخل فيها شئ من بيت المال، وإنما كانت من المستفادات وغلل الأملاك المخزنية.
وكان محافظا على العوائد في إنعاماته وحفلاته الرسمية وسائر تصرفاته، بحيث كان خرق عادة من العوائد عنده من الخطأ العظيم، حتى إن بعض الوزراء سها فنفذ لأولاد البقال الكسوة والصلة معا، وكانت عادتهم قبض الصلة فقط، فلما اطلع السلطان على ورقة الصائر وجد فيها ثمن الكسوة المذكورة فلم يسلمه وألزم بأدائه من خاص ماله عقوبة له على خرق العادة.
وكان النظر في أمور داخليته ومباشرة أشغاله مسندا إلى وزراء وأمناء كل واحد منهم مكلف بأشغال لا يتعداها، ولا يدخل معه غيره فيها:
فالوزير الصدر -وهو في أول إمارته وزير أبيه الفقيه السيد إدريس بوعشرين، ثم استعفى فأعفى وتصدر مكانه الحاجب أبو عمران موسى بن أحمد،